. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ، وَاسْمُ غَامِدٍ الْمَذْكُورُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلُقِّبَ بِغَامِدٍ لِإِصْلَاحِهِ أَمْرًا كَانَ فِي قَوْمِهِ، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ قَدْ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ بُرَيْدَةَ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ.
وَمِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَحَادِيثُهُمْ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَفِي سِيَاقِ الْأَحَادِيثِ بَعْضُ اخْتِلَافٍ، فَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ «أَنَّهَا جَاءَتْ بِنَفْسِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَالَ الْحَمْلِ وَعِنْدَ الْوَضْعِ، وَأَخَّرَ رَجْمَهَا إلَى الْفِطَامِ، فَجَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَرُجِمَتْ» .
وَفِي حَدِيثِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ «أَنَّهُ كَفَلَهَا رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ، ثُمَّ أَتَى فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَا نَرْجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: إلَيَّ رَضَاعُهُ فَرُجِمَتْ» .
وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا " لَمَّا أَقَرَّتْ دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِيَّهَا وَأَمَرَهُ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ جَاءَ بِهَا عِنْدِ الْوَضْعِ فَرُجِمَتْ وَلَمْ يُمْهِلْهَا إلَى الْفِطَامِ " وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهَا جَاءَتْ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَجَاءَ مَعَهَا وَلِيُّهَا وَتَكَلَّمَتْ وَتَكَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ يَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ رَجَمَهَا عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَلَمْ يُؤَخِّرْهَا، وَرِوَايَةِ أَنَّهُ أَخَّرَهَا إلَى الْفِطَامِ، وَقَدْ قِيلَ إنَّهُمَا رِوَايَتَانِ صَحِيحَتَانِ وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، وَرِوَايَةُ التَّأْخِيرِ رِوَايَةٌ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهَا، فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ الرِّوَايَةِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّهَا رُجِمَتْ عِنْدَ الْوِلَادَةِ بِأَنْ يُقَالَ فِيهَا طَيٌّ وَحَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ وَلِيَّهَا جَاءَ بِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْوِلَادَةِ فَأَمَرَ بِتَأْخِيرِهَا إلَى الْفِطَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا وَإِنْ تَمَّ بِاعْتِبَارِ حَدِيثِ عِمْرَانَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ فَلَا يَتِمُّ بِاعْتِبَارِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ فِيهِ " أَنَّهُ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: إلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَرَجَمَهَا " وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَبِلَ قَوْلَهُ وَكَفَالَتَهُ بَلْ أَخَّرَهَا إلَى الْفِطَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ السِّيَاقَ يَأْبَى كُلَّ الْإِبَاءِ، وَمَا أَكْثَرَ مَا يَقَعُ مِثْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي مَخْرَجُهَا مُتَّحِدٌ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ تُرْتَكَبُ لِأَجْلِ الْجَمْعِ بَيْنَ رِوَايَتِهِمْ الْعَظَائِمُ الَّتِي لَا تَخْلُو فِي الْغَالِبِ مِنْ تَعَسُّفَاتٍ وَتَكَلُّفَاتٍ كَأَنَّ السَّهْوَ وَالْغَلَطَ وَالنِّسْيَانَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ إلَّا كَسَائِرِ النَّاسِ فِي الْعَوَارِضِ الْبَشَرِيَّةِ، فَإِنْ أَمْكَنَنَا الْجَمْعُ بِوَجْهٍ سَلِيمٍ عَنْ التَّعَسُّفَاتِ فَذَاكَ وَإِلَّا تَوَجَّهَ عَلَيْنَا الْمَصِيرُ إلَى التَّرْجِيحِ وَحَمْلِ الْغَلَطِ أَوْ النِّسْيَانِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَرْجُوحَةِ، إمَّا مِنْ الصَّحَابِيِّ أَوْ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ مِنْ الرُّوَاةِ.
وَقَدْ مَرَّ لَنَا فِي هَذَا الشَّرْحِ عِدَّةُ مَوَاطِنَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَشَيْنَا فِيهَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ الْجَمْعِ بِوُجُوهٍ يَنْفِرُ عَنْ قَبُولِهَا كُلُّ طَبْعٍ سَلِيمٍ، وَيَأْبَى الرِّضَا بِهَا كُلُّ عَقْلٍ مُسْتَقِيمٍ. قَوْلُهُ: (أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ) هَذَا الْإِجْمَالُ قَدْ وَقَعَ مِنْ الْمَرْأَةِ تَبْيِينُهُ. كَمَا فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ، وَلَكِنَّهُ وَقَعَ الِاخْتِصَارُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ ذَلِكَ: " أَحْسِنْ إلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي " وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِقْرَارِ بِالْحَدِّ مِنْ دُونِ تَعْيِينٍ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ