وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: الْعَمْدُ وَالْعَبْدُ وَالصُّلْحُ وَالِاعْتِرَافُ لَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَحَكَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.
. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ إلَّا أَنْ يَشَاءُوا» ، رَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَعَلَى هَذَا وَأَمْثَالِهِ تُحْمَلُ الْعُمُومَاتُ الْمَذْكُورَةُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَثَرُ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ عَنْ عَامِرٍ وَالشَّعْبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ.
وَأَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ، وَلَفْظُهُ: " لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ " وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ رَوَى مَعْنَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ «لَا تَجْعَلُوا عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْ دِيَةِ الْمُعْتَرِفِ شَيْئًا» وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَصْلُوبُ وَهُوَ كَذَّابٌ وَفِيهِ أَيْضًا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِمَا فِي الْبَابِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ وَلَا الْعَبْدَ وَلَا الصُّلْحَ وَلَا الِاعْتِرَافَ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ عَبْدًا، فَذَهَبَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالْعِتْرَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ الْعَبْدَ كَالْحُرِّ
وَذَهَبَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ إلَى أَنَّهَا لَا تَحْمِلُهُ. وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ مَعَ كَوْنِهِ مِمَّا لَا يُحْتَجُّ بِهِ لِكَوْنِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ لَا تَكُونُ حُجَّةً إلَّا إذَا أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْجِنَايَةَ الْوَاقِعَةَ مِنْ الْعَبْدِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بِلَفْظِ: " وَلَا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ ". وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ مَا يَنْبَغِي إثْبَاتُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِمِثْلِهِ، فَالْمُتَوَجِّهُ الرُّجُوعُ إلَى الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِضَمَانِ الْعَاقِلَةِ مُطْلَقًا الْجِنَايَةَ الْخَطَأَ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ إلَّا مَا كَانَ عَمْدًا وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى جِهَةِ الْعَمْدِ مِنْ الرَّجُلِ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْعَمْدِ عَلَى نَفْسِ الْجَانِي مَضْمُونَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ مُؤَجَّلَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ، فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّ الْأَجَلَ ثَلَاثُ سِنِينَ. وَقَالَ رَبِيعَةُ: إلَى خَمْسٍ، وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ السَّابِقِ أَنَّهُ تَكُونُ حَالَّةً إذْ لَمْ يُرْوَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأْجِيلُهَا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: قُلْنَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ