بَابُ مَنْ قَتَلَ فِي الْمُعْتَرَك مَنْ يَظُنُّهُ كَافِرًا فَبَانَ مُسْلِمًا مِنْ أَهْل دَارِ الْإِسْلَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَفَاوِتَةٌ جِدًّا.
وَفِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ: " أَسَجْعُ الْجَاهِلِيَّةِ وَكِهَانَتُهَا " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَذْمُومَ مِنْ السَّجْعِ إنَّمَا هُوَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ إبْطَالُ شَرْعٍ أَوْ إثْبَاتُ بَاطِلٍ أَوْ كَانَ مُتَكَلَّفًا
وَقَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ مَا كَانَ كَذَلِكَ لَا غَيْرَهُ. قَوْلُهُ (: حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ وَهُوَ نِسْبَةٌ إلَى جَدِّهِ، وَإِلَّا فَهُوَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَبُو الْقَاتِلَةِ) فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد " فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ وَهُوَ زَوْجُ الْقَاتِلَةِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَقَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ " وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ " فَقَالَ عَصَبَتُهَا " وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ " فَقَالَ أَخُوهَا الْعَلَاءُ بْنُ مَسْرُوحٍ ".
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ " فَقَالَ أَبُوهَا " وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَزَوْجِهَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مِنْ عَصَبَتِهَا بِخِلَافِ الْمَقْتُولَةِ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ الْمَقْتُولَةَ عَامِرِيَّةٌ وَالْقَاتِلَةَ هَذَلِيَّةٌ، فَيَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ عَصَبَةُ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ عَصَبَةً لِلْأُخْرَى مَعَ اخْتِلَافِ الْقَبِيلَةِ
وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْجَنِينِ عَلَى قَاتِلِهِ الْغُرَّةُ إنْ خَرَجَ مَيِّتًا. وَقَدْ حُكِيَ فِي الْبَحْرِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ضُرِبَتْ فَخَرَجَ جَنِينُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَفِيهَا الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ، وَأَمَّا الْجَنِينُ فَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ فِيهِ الْغُرَّةَ وَهُوَ ظَاهِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُضْمَنُ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْجَنِينُ بِقَتْلِ أُمِّهِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ فَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إنْ سَكَنَتْ حَرَكَتُهُ فَفِيهِ الْغُرَّةُ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ آدَمِيٍّ فَلَا ضَمَانَ مَعَ الشَّكِّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ شَرَطَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُرَّةِ انْفِصَالَ الْجَنِينِ مَيِّتًا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ وَجَبَ فِيهِ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً انْتَهَى
فَإِنْ أَخْرَجَ الْجَنِينُ رَأْسَهُ وَمَاتَ وَلَمْ يُخْرِجْ الْبَاقِي فَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّهُ فِيهِ الْغُرَّةُ أَيْضًا، وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ. وَيَحْتَاجُ مَنْ اشْتَرَطَ الِانْفِصَالَ إلَى تَأْوِيلِ الرِّوَايَةِ وَحَمْلِهَا عَلَى أَنَّهُ انْفَصَلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعُقِّبَ بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ غُلَامًا قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الِانْفِصَالِ، وَبِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ بِلَفْظِ " سَقَطَ مَيِّتًا " وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا " قِيلَ: وَهَذَا الْحُكْمُ مُخْتَصٌّ بِوَلَدِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْقِصَّةَ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ، وَمَا وَقَعَ فِي الْأَحَادِيثِ بِلَفْظِ إمْلَاصِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُمُومٌ لَكِنَّ الرَّاوِيَ ذَكَرَ أَنَّهُ شَهِدَ وَاقِعَةً مَخْصُوصَةً. وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالْهَادَوِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ إلَى أَنَّ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ عُشْرَ قِيمَةِ أُمِّهِ كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ عُشْرُ دِيَتِهَا.