وَعَنْ الْمُغِيرَةِ «أَنَّ امْرَأَةً ضَرَبَتْهَا ضَرَّتُهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ، فَقَتَلَتْهَا وَهِيَ حُبْلَى فَأُتِيَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَضَى فِيهَا عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ بِالدِّيَةِ وَفِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ، فَقَالَ عَصَبَتُهَا: أَنَدِي مَنْ لَا طَعِمَ وَلَا شَرِبَ وَلَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ مِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ؟ فَقَالَ: سَجْعٌ مِثْلُ سَجْعِ الْأَعْرَابِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَكَذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ اعْتِرَاضَ الْعَصَبَةِ وَجَوَابَهُ) .
3071 - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «فِي قِصَّةِ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: فَأَسْقَطَتْ غُلَامًا قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ مَيِّتًا وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَقَضَى عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالدِّيَةِ، فَقَالَ عَمُّهَا: إنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ غُلَامًا قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ، فَقَالَ أَبُو الْقَاتِلَةِ: إنَّهُ كَاذِبٌ إنَّهُ وَاَللَّهِ مَا اسْتَهَلَّ وَلَا شَرِبَ فَمِثْلُهُ يُطَلُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسَجْعُ الْجَاهِلِيَّةِ وَكِهَانَتُهَا أَدِّ فِي الصَّبِيّ غُرَّةً» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَبَ مِنْ الْعَاقِلَةِ) .
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَكَمُ وَصَحَّحَاهُ.
قَوْلُهُ: (فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ) الْجَنِينُ بِفَتْحِ الْجِيمِ بَعْدَهُ نُونَانِ بَيْنَهُمَا يَاءٌ تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ بِوَزْنِ عَظِيمٍ، وَهُوَ حَمْلُ الْمَرْأَةِ مَا دَامَ فِي بَطْنِهَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاسْتِتَارِهِ، فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا فَهُوَ وَلَدٌ، أَوْ مَيِّتًا فَهُوَ سِقْطٌ، وَقَدْ يُطْلَق عَلَيْهِ جَنِينٌ. قَالَ الْبَاجِيَّ فِي شَرْح رِجَالِ الْمُوَطَّإِ: الْجَنِينُ مَا أَلْقَتْهُ الْمَرْأَةُ مِمَّا يُعْرَفُ أَنَّهُ وَلَدٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى مَا لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا. قَوْلُهُ
(بِغُرَّةٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَأَصْلُهَا الْبَيَاضُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْغُرَّةِ عَنْ الْجِسْمِ كُلِّهِ كَمَا قَالُوا أَعْتَقَ رَقَبَةً وَقَوْلُهُ: " عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ " تَفْسِيرٌ لِلْغُرَّةِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ لَفْظُ غُرَّةِ مُضَافٌ إلَى عَبْدٍ أَوْ مُنَوَّنٌ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: قَرَأَهُ الْعَامَّةُ بِالْإِضَافَةِ وَغَيْرُهُمْ بِالتَّنْوِينِ. وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الِاخْتِلَافَ وَقَالَ: التَّنْوِينُ أَوْجَهُ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِلْغُرَّةِ مَا هِيَ وَتَوْجِيهُ الْإِضَافَةِ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُضَافُ إلَى نَفْسِهِ لَكِنَّهُ نَادِرٌ. قَالَ الْبَاجِيَّ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ " أَوْ " شَكًّا مِنْ الرَّاوِي فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ الْمَخْصُوصَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: قِيلَ: الْمَرْفُوعُ مِنْ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: " بِغُرَّةٍ " وَأَمَّا قَوْلُهُ: " عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ " فَشَكٌّ مِنْ الرَّاوِي فِي الْمُرَادِ بِهَا.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنَّهُ قَالَ: الْغُرَّةُ عَبْدٌ أَبْيَضُ أَوْ أَمَةٌ بَيْضَاءُ فَلَا يُجْزِي عِنْدَهُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ الرَّقَبَةُ السَّوْدَاءُ، وَذَلِكَ مِنْهُ مُرَاعَاةٌ لِأَصْلِ الِاشْتِقَاقِ، وَقَدْ