بَابُ فَضْلِ الْعَفْوِ عَنْ الِاقْتِصَاصِ وَالشَّفَاعَةِ فِي ذَلِكَ
3025 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَا عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ إلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
3026 - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «مَا رُفِعَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرٌ فِيهِ الْقِصَاصُ إلَّا أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ
3027 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِشَيْءٍ فِي جَسَدِهِ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً وَحَطَّ بِهِ عَنْهُ خَطِيئَةً» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ
3028 - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثَلَاثٌ وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنْ كُنْتُ لَحَالِفًا عَلَيْهِنَّ: لَا يَنْقُصُ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا وَلَا يَعْفُو عَبْدٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ يَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَفْتَحُ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ جِيمٍ ثُمَّ زَايٍ.
وَقَدْ فَسَّرَهُ أَبُو دَاوُد بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِالْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلدَّمِ جَمِيعُ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالسَّبَبِ وَالنَّسَبِ فَيَكُونُ الْقِصَاصُ إلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ قَالَا: لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِنَفْيِ الْعَارِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ فَإِنْ وَقَعَ الْعَفْوُ مِنْ الْعَصَبَةِ فَالدِّيَةُ عِنْدَهُمَا كَالتَّرِكَةِ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إنَّهُ يَخْتَصُّ بِدَمِ الْمَقْتُولِ الْوَرَثَةُ مِنْ النَّسَبِ إذْ هُوَ مَشْرُوعٌ لِلتَّشَفِّي، وَالزَّوْجِيَّةُ تَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ شُرِعَ لِحِفْظِ الدِّمَاءِ. وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] وَبِقَوْلِ عُمَرَ حِينَ عَفَتْ أُخْتُ الْمَقْتُولِ: عَتَقَ عَنْ الْقَتْلِ. قَالَ: وَلَمْ يُخَالَفْ. وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَا تَحْمِلهُ الْعَاقِلَةُ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْعَفْوِ وَاخْتِلَاف الْأَدِلَّةِ فِي ثُبُوتِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.