. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي قَبْلَ التَّخْيِيرِ وَالِاسْتِهَامِ مُلَاحَظَةُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلصَّبِيِّ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ أَصْلَحَ لِلصَّبِيِّ مِنْ الْآخَرِ قُدِّمَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَلَا تَخْيِيرٍ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةِ عَامَّةٍ نَحْوِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6] وَزَعَمَ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ التَّخْيِيرِ أَوْ الْقُرْعَةِ مُقَيَّدٌ بِهَذَا، وَحَكَى عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ أَنَّهُ قَالَ: تَنَازَعَ أَبَوَانِ صَبِيًّا عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَخَيَّرَ الْوَلَدَ بَيْنَهُمَا فَاخْتَارَ أَبَاهُ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: سَلْهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَخْتَارُهُ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أُمِّي تَبْعَثُنِي كُلَّ يَوْمٍ لِلْكَاتِبِ وَالْفَقِيهِ يَضْرِبَانِي، وَأَبِي يَتْرُكُنِي أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَقَضَى بِهِ لِلْأُمِّ، وَرَجَّحَ هَذَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُنَاسِبِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي خُصُوصِ الْحَضَانَةِ خَالِيَةٌ عَنْ مِثْلِ هَذَا الِاعْتِبَارِ مُفَوِّضَةٌ حُكْمَ الْأَحَقِّيَّةِ إلَى مَحْضِ الِاخْتِيَارِ، فَمَنْ جَعَلَ الْمُنَاسِبَ صَالِحًا لِتَخْصِيصِ الْأَدِلَّةِ أَوْ تَقْيِيدِهَا فَذَاكَ، وَمَنْ أَبَى وَوَقَفَ عَلَى مُقْتَضَاهَا كَانَ فِي تَمَسُّكِهِ بِالنَّصِّ وَمُوَافَقَتِهِ لَهُ أَسْعَدَ مِنْ غَيْرِهِ