. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمَا إلَى ابْنَتِهِ، أَبُو بَكْرٍ إلَى عَائِشَةَ وَعُمَرُ إلَى حَفْصَةَ، فَوَجَآ أَعْنَاقَهُمَا، فَاعْتَزَلَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرًا» فَضَرْبُهُمَا لَاِبْنَتَيْهِمَا فِي حَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَجْلِ مُطَالَبَتِهِمَا بِالنَّفَقَةِ الَّتِي لَا يَجِدُهَا، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِقَةِ لِمُجَرَّدِ الْإِعْسَارِ عَنْهَا، قَالُوا: وَلَمْ يَزَلْ الصَّحَابَةُ فِيهِمْ الْمُوسِرُ وَالْمُعْسِرُ وَمُعَسِّرُوهُمْ أَكْثَرُ
وَيُجَابُ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ زَجْرَهُمَا عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْفَسْخِ لِأَجْلِ الْإِعْسَارِ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُنَّ طَلَبْنَهُ وَلَمْ يُجَبْنَ إلَيْهِ، كَيْفَ وَقَدْ خَيَّرَهُنَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ فَاخْتَرْنَهُ، وَلَيْسَ مَحَلُّ النِّزَاعِ جَوَازَ الْمُطَالَبَةِ لِلْمُعْسِرِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَعَدَمَهَا بَلْ مَحَلُّهُ: هَلْ يَجُوزُ الْفَسْخُ عِنْدَ التَّعَذُّرِ أَمْ لَا وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْدَمْنَ النَّفَقَةَ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ اسْتَعَاذَ مِنْ الْفَقْرِ الْمُدْقِعِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ فِيمَا زَادَ عَلَى قِوَامِ الْبَدَنِ مِمَّا يَعْتَادُ النَّاسُ النِّزَاعَ فِي مِثْلِهِ، وَهَكَذَا يُجَابُ عَنْ الِاحْتِجَاجِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ
وَظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْفَسْخُ لِلْمَرْأَةِ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ وِجْدَانِ الزَّوْجِ لِنَفَقَتِهَا بِحَيْثُ يَحْصُلُ عَلَيْهَا ضَرَرٌ مِنْ ذَلِكَ وَقِيلَ: إنَّهُ يُؤَجَّلُ الزَّوْجُ مُدَّةً؛ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُؤَجَّلُ شَهْرًا، وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَهَا الْفَسْخُ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادٍ أَنَّ الزَّوْجَ يُؤَجَّلُ سَنَةً ثُمَّ يُفْسَخُ قِيَاسًا عَلَى الْعِنِّينِ وَهَلْ تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إلَى الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ؟ رُوِيَ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي وَجْهٍ لَهُمْ أَنَّهَا تُرَافِعُهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُجْبِرَهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ يُطَلِّقَ عَنْهُ وَفِي وَجْهٍ لَهُمْ آخَرَ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِالْإِعْسَارِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ إعْسَارُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَيْهَا
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا إذَا اخْتَارَتْ الْفَسْخَ رَفَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ وَالْخِيَارُ إلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْفَسْخِ أَوْ الطَّلَاقِ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أُعْسِرَ عَنْ النَّفَقَةِ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى يَجِدَهَا وَهُوَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ الرِّزْقِ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ أَعْوَزَتْهُ الْمَطَالِبُ وَأُكِّدَتْ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَكَاسِبِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَقَاعَدَ عَنْ طَلَبِ أَسْبَابِ الرِّزْقِ وَالسَّعْيِ لَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَلِهَذَا الْقَوْلِ وَجْهٌ وَذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُوسِرَةِ الْإِنْفَاقُ عَلَى زَوْجِهَا الْمُعْسِرِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ وَذَهَبَ ابْنُ الْقَيِّمِ إلَى التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّهَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِهِ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ أَوْ كَانَ حَالُ الزَّوْجِ مُوسِرًا ثُمَّ أُعْسِرَ فَلَا فَسْخَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي غَرَّهَا عِنْدَ الزَّوَاجِ بِأَنَّهُ مُوسِرٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا إعْسَارُهُ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَسْخَ لِأَجْلِ الْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ
وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَحْمَدَ إلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ الْفَسْخُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بِأَنَّ النِّسَاءَ عَوَانٌ فِي يَدِ الْأَزْوَاجِ» كَمَا تَقَدَّمَ: أَيْ حُكْمُهُنَّ حُكْمُ الْأُسَرَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَانِيَ: الْأَسِيرُ، وَالْأَسِيرُ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ خَلَاصًا مِنْ