. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي قَالَ لَهَا فِيهِ مَا قَالَ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ نُفِسَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ: أَيْ وَلَدَتْ. قَوْلُهُ: (قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ) فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ " فَلَمْ أَمْكُثْ إلَّا شَهْرَيْنِ حَتَّى وَضَعْت " وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَوَضَعْت بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً " وَفِي أُخْرَى لِلنَّسَائِيِّ " بِعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ " فَوَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا " وَلِابْنِ مَاجَهْ " بِبِضْعٍ وَعِشْرِينَ " وَفِي ذَلِكَ رِوَايَاتٌ أُخَرُ مُخْتَلِفَةٌ
قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ أَنْ سَاقَهَا: وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مُتَعَذِّرٌ لِاتِّحَادِ الْقِصَّةِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إبْهَامِ مَنْ أَبْهَمَ الْمُدَّةَ، إذْ مَحَلُّ الْخِلَافِ أَنْ تَضَعَ لِدُونِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ هُنَا كَذَلِكَ، فَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ: نِصْفُ شَهْرٍ. وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ فِي الْبُخَارِيِّ عَشْرَ لَيَالٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ ثَمَانٍ أَوْ سَبْعٌ فَهُوَ فِي مُدَّةِ إقَامَتِهَا بَعْدَ الْوَضْعِ إلَى أَنْ اسْتَفْتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا فِي مُدَّةِ بَقِيَّةِ الْحَمْلِ، وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهِ بِالتَّصْرِيحِ شَهْرَانِ، وَبِغَيْرِهِ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى فِي الْأَمْصَارِ إلَى أَنَّ الْحَامِلَ إذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِآخِرِ الْأَجَلَيْنِ. وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا إنْ وَضَعَتْ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ تَرَبَّصَتْ إلَى انْقِضَائِهَا. وَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْوَضْعِ تَرَبَّصَتْ إلَى الْوَضْعِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ. أَوْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ الْقَوْلَ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْوَضْعِ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ بِذَلِكَ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ أَنَّهُ كَانَ يُوَافِقُ الْجُمْهُورَ حَتَّى كَانَ يَقُولُ: مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَالْقَاسِمِيَّةِ وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَالنَّاصِرِ مُوَافَقَةَ عَلِيٍّ عَلَى اعْتِبَارِ آخِرِ الْأَجَلَيْنِ. وَأَمَّا أَبُو السَّنَابِلِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى اعْتِبَارِ آخِرِ الْأَجَلَيْنِ لَكِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ نَقَلَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سَحْنُونٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَقُولُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ إحْدَاثُ خِلَافٍ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْإِجْمَاعِ. وَالسَّبَبُ الَّذِي حَمَلَ الْقَائِلِينَ بِاعْتِبَارِ آخِرِ الْأَجَلَيْنِ الْحِرْصُ عَلَى الْعَمَلِ بِالْآيَتَيْنِ: أَعْنِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] فَإِنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، وقَوْله تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] عَامٌّ يَشْمَلُ الْمُطَلَّقَةَ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا، فَجَمَعُوا بَيْنَ الْعُمُومَيْنِ بِقَصْرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ عَدَدِ الْمُطَلَّقَاتِ كَالْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ قَبْلَهَا، وَلَمْ يُهْمِلُوا مَا تَنَاوَلَتْهُ مِنْ الْعُمُومِ فَعَمِلُوا بِهَا وَبِاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي حَقِّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا نَظَرٌ حَسَنٌ، فَإِنَّ الْجَمْعَ أَوْلَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ