أُكَفِّرَ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: رَأَيْت خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ، قَالَ: فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ حُجَّةٌ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ بِالْإِطْعَامِ وَغَيْرِهِ. وَرَوَاهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَقَالَ فِيهِ: «فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تَقْضِيَ مَا عَلَيْكَ» وَهُوَ حُجَّةٌ فِي ثُبُوتِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فِي الذِّمَّةِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَدِيثُ سَلَمَةَ الْأَوَّلُ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَحَدِيثُهُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ الْحَدِيثَ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. لَكِنْ أَعَلَّهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالنَّسَائِيُّ بِالْإِرْسَالِ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ وَلَا يَضُرُّهُ إرْسَالُ مَنْ أَرْسَلَهُ. وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ شَاهِدًا لَهُ مِنْ طَرِيقِ خُصَيْفٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي، فَرَأَيْت سَاقَهَا فِي الْقَمَرِ فَوَاقَعْتُهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ، فَقَالَ: كَفِّرْ وَلَا تَعُدْ» وَقَدْ بَالَغَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ: لَيْسَ فِي الظِّهَارِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. قَوْلُهُ: (قَالَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا وَاقَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ
قَوْلُهُ: (فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُحَرَّمُ عَلَى الزَّوْجِ الْوَطْءُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَأَنَّ الْكَفَّارَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لَا تَسْقُطُ بِالْوَطْءِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ وَطِئَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ ثُلَاثُ كَفَّارَاتٍ. وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو يُوسُفَ إلَى سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ كَمَا سَلَفَ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ. وَاخْتُلِفَ فِي مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ هَلْ تُحَرَّمُ مِثْلُ الْوَطْءِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ أَمْ لَا؟ ، فَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ إلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْوَطْءُ وَحْدَهُ لَا الْمُقَدِّمَاتُ
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا تُحَرَّمُ كَمَا يُحَرَّمُ الْوَطْءُ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ. وَأَجَابَ قَالَ: بِأَنَّ حُكْمَ الْمُقَدِّمَاتِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْوَطْءِ بِأَنَّ الْمَسِيسَ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْوُضُوءِ. وَاعْلَمْ أَنَّهَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] وَاخْتَلَفُوا هَلْ الْعِلَّةُ فِي وُجُوبِهَا الْعَوْدُ أَوْ الظِّهَارُ؟ فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ