. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلَى آخِرِهِ، وَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْكِتَابِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ لَهُ وَلَفْظُهُ: وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ؛ فَذَهَبَ بَعْضُ التَّابِعِينَ إلَى ظَاهِرِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ تَكْرِيرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ بِأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إذَا قَصَدَ التَّوْكِيدَ، وَثَلَاثٌ إذَا قَصَدَ تَكْرِيرَ الْإِيقَاعِ، فَكَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ عَلَى صِدْقِهِمْ وَسَلَامَتِهِمْ وَقَصْدِهِمْ فِي الْغَالِبِ الْفَضِيلَةَ وَالِاخْتِيَارَ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمْ خِبٌّ وَلَا خِدَاعٌ، وَكَانُوا يَصْدُقُونَ فِي إرَادَةِ التَّوْكِيدِ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ فِي زَمَانِهِ أُمُورًا ظَهَرَتْ وَأَحْوَالًا تَغَيَّرَتْ وَفَشَا إيقَاعُ الثَّلَاثِ جُمْلَةً بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ أَلْزَمَهُمْ الثَّلَاثَ فِي صُورَةِ التَّكْرِيرِ إذْ صَارَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ قَصْدَهَا
وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ " إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ ". وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كُلُّ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَوْا عَنْهُ خِلَافَ مَا قَالَ طَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَنَافِعٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِخِلَافِهِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ: صَارَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إيَاسٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سُئِلُوا عَنْ الْبِكْرِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا، فَكُلُّهُمْ قَالَ: لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. وَقَوْلُهُ: وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى صُورَةِ تَكْرِيرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ. . . إلَخْ، هَذَا الْبَعْضُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ ابْنُ سُرَيْجٍ
وَقَدْ ارْتَضَى هَذَا الْجَوَابَ الْقُرْطُبِيُّ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ أَصَحُّ الْأَجْوِبَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ جَاءَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ التَّأْكِيدَ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَاهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ وَلَوْ فِي آخِرِ الدَّهْرِ، فَكَيْفَ بِزَمَنِ خَيْرِ الْقُرُونِ وَمَنْ يَلِيهِمْ؟ وَإِنْ جَاءَ بِلَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْكِيدَ لَمْ يُصَدَّقْ إذَا ادَّعَى التَّأْكِيدَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ عَصْرٍ وَعَصْرٍ. وَيُجَابُ عَنْ كَلَامِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْمُخَالِفِينَ لِطَاوُسٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّمَا نَقَلُوا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَأْيَهُ، وَطَاوُسٌ نَقَلَ عَنْهُ رِوَايَتَهُ فَلَا مُخَالَفَةَ. وَأَمَّا مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُظَنُّ بِابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ يَحْفَظَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا وَيُفْتِيَ بِخِلَافِهِ. فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ الْمُسَوِّغَةَ لِتَرْكِ الرِّوَايَةِ وَالْعُدُولِ إلَى الرَّأْيِ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا النِّسْيَانُ، وَمِنْهَا قِيَامُ دَلِيلٍ عِنْدَ الرَّاوِي لَمْ يَبْلُغْنَا، وَنَحْنُ مُتَعَبِّدُونَ بِمَا بَلَغَنَا دُونَ مَا لَمْ يَبْلُغْ. وَبِمِثْلِ هَذَا يُجَابُ عَنْ كَلَامِ أَبِي دَاوُد الْمَذْكُورِ
وَمِنْ الْأَجْوِبَةِ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ مَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلِمَ شَيْئًا نُسِخَ. وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّسْخَ إنْ كَانَ بِدَلِيلٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ فَمَا هُوَ؟ وَإِنْ كَانَ بِالْإِجْمَاعِ فَأَيْنَ هُوَ؟ عَلَى أَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَسْتَمِرَّ النَّاسُ أَيَّامَ أَبِي بَكْرٍ وَبَعْضَ أَيَّامِ عُمَرَ عَلَى أَمْرٍ مَنْسُوخٍ وَإِنْ كَانَ النَّاسِخُ قَوْلَ عُمَرَ الْمَذْكُورَ