. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِتَاءَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ بَعْدَ الْأَلِفِ مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ: وَهُوَ الْوُقُوعُ فِي الشَّرِّ مِنْ غَيْرِ تَمَاسُكٍ وَلَا تَوَقُّفٍ.
1 -
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الطَّلَاقِ إذَا أُوقِعَتْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، هَلْ يَقَعُ جَمِيعُهَا وَيَتْبَعُ الطَّلَاقُ الطَّلَاقَ أَمْ لَا؟ . فَذَهَبَ جُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَكَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ مِنْهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالنَّاصِرُ وَالْإِمَامُ يَحْيَى، حَكَى ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي الْبَحْرِ، وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الْإِمَامِيَّةِ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَتْبَعُ الطَّلَاقَ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتْبَعُ الطَّلَاقَ بَلْ يَقَعُ وَاحِدَةً فَقَطْ. وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَرِوَايَةً عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَابْنِ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَالْهَادِي وَالْقَاسِمِ وَالْبَاقِرِ وَالنَّاصِرِ وَأَحْمَدَ بْنِ عِيسَى وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرِوَايَةً عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ
وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ مُغِيثٍ فِي كِتَابِ الْوَثَائِقِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَضَّاحٍ، وَنَقَلَ الْفَتْوَى بِذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِ قُرْطُبَةَ كَمُحَمَّدِ بْنِ بَقِيٍّ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِمَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَحَكَاهُ ابْنُ مُغِيثٍ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ. وَذَهَبَ بَعْضُ الْإِمَامِيَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِالطَّلَاقِ الْمُتَتَابِعِ شَيْءٌ، لَا وَاحِدَةٌ وَلَا أَكْثَرُ مِنْهَا، وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُلَيَّةَ وَهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَسَائِرُ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الطَّلَاقَ الْبِدْعِيَّ لَا يَقَعُ لِأَنَّ الثَّلَاثَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ أَلْفَاظٍ مُتَتَابِعَةٍ مِنْهُ وَعَدَمُ وُقُوعِ الْبِدْعِيِّ هُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ الْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ وَالنَّاصِرِ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً وَقَعَتْ الثَّلَاثُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولَةً فَوَاحِدَةٌ
اسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتْبَعُ الطَّلَاقَ بِأَدِلَّةٍ: مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَظَاهِرُهَا جَوَازُ إرْسَالِ الثَّلَاثِ أَوْ الثِّنْتَيْنِ دَفْعَةً أَوْ مُفَرَّقَةً وَوُقُوعُهَا. قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: إنَّ قَوْلَهُ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الثِّنْتَيْنِ، وَإِذَا جَازَ جَمْعُ الثِّنْتَيْنِ دَفْعَةً جَازَ جَمْعُ الثَّلَاثِ. وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّ جَمْعَ الثِّنْتَيْنِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى، بِخِلَافِ الثَّلَاثِ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: إنَّ التَّسْرِيحَ بِإِحْسَانٍ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ إيقَاعَ الثَّلَاثِ دَفْعَةً. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ التَّسْرِيحَ فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ إيقَاعِ الثِّنْتَيْنِ فَلَا يَتَنَاوَلُ إيقَاعَ الثَّلَاثِ دَفْعَةً، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ أَدِلَّةِ عَدَمِ التَّتَابُعِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّ الطَّلَاقَ الْمَشْرُوعَ لَا يَكُونُ بِالثَّلَاثِ دَفْعَةً، بَلْ عَلَى التَّرْتِيبِ