نيل الاوطار (صفحة 2167)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ بِطُرُقٍ قَوِيَّةٍ، وَأَفْتَى بِهِ حَمَّادٌ شَيْخُ أَبِي حَنِيفَةَ

وَأَجَابَ الْخَطَّابِيِّ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ بَقَاءَ الْعِدَّةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ مُمْكِنٌ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ فِي الْغَالِبِ، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمُدَّةُ إنَّمَا هِيَ سَنَتَانِ وَأَشْهُرٌ، فَإِنَّ الْحَيْضَ قَدْ يُبْطِئُ عَنْ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ لِعَارِضٍ وَبِمِثْلِ هَذَا أَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ أَوْلَى مَا يُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي شَرْحِ السِّيرَةِ: إنَّ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحَّ إسْنَادًا لَكِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ كَانَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ قَالَ: مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَدَّهَا عَلَيْهِ عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فِي الصَّدَاقِ وَالْحِبَاءِ وَلَمْ يُحْدِثْ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ شَرْطٍ وَلَا غَيْرِهِ انْتَهَى. وَقَدْ أَشَارَ إلَى مِثْلِ هَذَا الْجَمْعِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَقِيلَ: إنَّ زَيْنَبَ لَمَّا أَسْلَمَتْ وَبَقِيَ زَوْجُهَا عَلَى الْكُفْرِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذْ لَمْ يَكُنْ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْكَافِرِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ} [الممتحنة: 10] الْآيَةَ، أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَعْتَدَّ، فَوَصَلَ أَبُو الْعَاصِ مُسْلِمًا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَقَرَّرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ، فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ تُعَضِّدُهُ الْأُصُولُ.

وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِوُقُوعِ عَقْدٍ جَدِيدٍ، وَالْأَخْذُ بِالصَّرِيحِ أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِالْمُحْتَمَلِ، وَيُؤَيِّدُهُ مُخَالَفَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَا رَوَاهُ كَمَا حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَأَحْسَنُ الْمَسَالِكِ فِي تَقْرِيرِ الْحَدِيثَيْنِ تَرْجِيحُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَئِمَّةُ وَحَمْلُهُ عَلَى تَطَاوُلِ الْعِدَّةِ فِيمَا بَيْنَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ وَإِسْلَامِ أَبِي الْعَاصِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ.

وَأَغْرَبَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ: " رَدَّهَا إلَيْهِ بَعْدَ كَذَا " مُرَادُهُ: جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا فَإِسْلَامُ أَبِي الْعَاصِ كَانَ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمُ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْمُشْرِكِ، هَكَذَا زَعَمَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَغَازِي أَنَّ إسْلَامَهُ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ مَا مُحَصَّلُهُ: إنَّ اعْتِبَارَ الْعِدَّةِ لَمْ يُعْرَفْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَلَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُ الْمَرْأَةَ هَلْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ لَا، وَلَوْ كَانَ الْإِسْلَامُ بِمُجَرَّدِهِ فُرْقَةً لَكَانَتْ طَلْقَةً بَائِنَةً وَلَا رَجْعَةَ فِيهَا فَلَا يَكُونُ الزَّوْجُ أَحَقَّ بِهَا إذَا أَسْلَمَ، وَقَدْ دَلَّ حُكْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهَا أَنْ تَنْكِحَ مَنْ شَاءَتْ، وَإِنْ أَحَبَّتْ انْتَظَرَتْهُ، وَإِذَا أَسْلَمَ كَانَتْ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى تَجْدِيدِ نِكَاحٍ، قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا جَدَّدَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ نِكَاحَهُ أَلْبَتَّةَ، بَلْ كَانَ الْوَاقِعُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ: إمَّا افْتِرَاقُهُمَا وَنِكَاحُهَا غَيْرَهُ، وَإِمَّا بَقَاؤُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ، وَأَمَّا تَنْجِيزُ الْفُرْقَةِ أَوْ مُرَاعَاةُ الْعِدَّةِ، فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ كَثْرَةِ مَنْ أَسْلَمَ فِي عَهْدِهِ، وَهَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْمَتَانَةِ.

قَالَ: وَهَذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015