أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ وَعَتَاقٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ، هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ قَالَ: أَسْلَمْت عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَدْ اُحْتُجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَمَتَى نَفَذَ فَلَهُ وَلَاؤُهُ بِالْخَيْرِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَالْجِهَادُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: ذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْجِهَادَ بَعْدَ الْإِيمَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَجَّ وَذَكَرَ الْعِتْقَ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ الْبِرُّ ثُمَّ الْجِهَادُ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ ذَكَرَ السَّلَامَةَ مِنْ الْيَدِ وَاللِّسَانِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: اخْتِلَافُ الْأَجْوِبَةِ فِي ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَاحْتِيَاجِ الْمُخَاطَبِينَ وَذِكْرِ مَا لَا يَعْلَمُهُ السَّائِلُ وَالسَّامِعُونَ وَتَرْكِ مَا عَلِمُوهُ
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ لَفْظَةَ " مِنْ " مُرَادَةٌ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ أَعْقَلُ النَّاسِ، وَالْمُرَادُ مِنْ أَعْقَلِهِمْ وَمِنْهُ حَدِيثُ " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ " وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ خَيْرَ النَّاسِ اهـ قَوْلُهُ: (أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا) أَيْ اغْتِبَاطُهُمْ بِهَا أَشَدُّ، فَإِنَّ عِتْقَ مِثْلِ ذَلِكَ مَا يَقَعُ غَالِبًا إلَّا خَالِصًا، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَوْلُهُ: (وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " أَعْلَاهَا ثَمَنًا " بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ رِوَايَةُ النَّسَائِيّ أَيْضًا، وللكشميهني بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَذَا النَّسَفِيُّ
قَالَ ابْنُ قُرْقُولٍ: مَعْنَاهُ مُتَقَارِبٌ، وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ كَمَا هُنَا قَالَ النَّوَوِيُّ: مَحَلُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً وَاحِدَةً، أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَ شَخْصٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا رَقَبَةً يُعْتِقُهَا فَوَجَدَ رَقَبَةً نَفِيسَةً وَرَقَبَتَيْنِ مَفْضُولَتَيْنِ، فَالرَّقَبَتَانِ أَفْضَلُ قَالَ: وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّ الْوَاحِدَةَ السَّمِينَةَ فِيهَا أَفْضَلُ، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُنَا فَكُّ الرَّقَبَةِ وَهُنَاكَ طَيِّبُ اللَّحْمِ قَالَ الْحَافِظُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، فَرُبَّ شَخْصٍ وَاحِدٍ إذَا عَتَقَ انْتَفَعَ بِالْعِتْقِ أَضْعَافَ مَا يَحْصُلُ مِنْ النَّفْعِ لِعِتْقِ أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْهُ وَرُبَّ مُحْتَاجٍ إلَى كَثْرَةِ اللَّحْمِ لِتَفْرِقَتِهِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ الَّذِينَ يَنْتَفِعُونَ بِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ هُوَ بِطَيِّبِ اللَّحْمِ، فَالضَّابِطُ أَنَّ مَهْمَا كَانَ أَكْثَرَ نَفْعًا كَانَ أَفْضَلُ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَاحْتُجَّ بِهِ لِمَالِكٍ فِي أَنَّ عِتْقَ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ إذَا كَانَتْ أَعْلَى ثَمَنًا مِنْ الْمُسْلِمَةِ أَفْضَلُ، وَخَالَفَهُ أَصْبَغُ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " أَعْلَى ثَمَنًا " مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ: (أَشَعَرْت) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنْ الشُّعُورِ قَوْلُهُ: (وَفِي الثَّانِي دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَبَرُّعِ الْمَرْأَةِ. . . إلَخْ) قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا وَمَالِ زَوْجِهَا مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ قَوْلُهُ: (أَسْلَمْت عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْكَافِرُ حَالَ كُفْرِهِ مِنْ الْقُرَبِ يُكْتَبُ لَهُ إذَا أَسْلَمَ فَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَصِّصًا لِحَدِيثِ: «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَجَبُّ ذُنُوبِ الْكَافِرِ بِالْإِسْلَامِ أَيْضًا مَشْرُوطٌ بِأَنْ يُحْسِنَ فِي الْإِسْلَامِ لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «قُلْنَا يَا