بَابُ الْبُدَاءَةِ بِذَوِي الْفُرُوضِ وَإِعْطَاءِ الْعَصَبَةِ مَا بَقِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ رِوَايَةِ عَوْفٍ عَنْ سُلَيْمَانِ بْنِ جَابِرٍ عَنْهُ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ عَوْفٍ وَسُلَيْمَانَ، وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ وَشَرِيكٍ وَغَيْرِهِمَا مُتَّصِلًا وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ السَّدُوسِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَفِيهِ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ، وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ أَنَسٍ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَدْ أُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ، وَسَمَاعُ أَبِي قِلَابَةَ مِنْ أَنَسٍ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ قِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيّ الِاخْتِلَافَ عَلَى أَبِي قِلَابَةَ فِي الْعِلَلِ وَرَجَّحَ هُوَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ فِي الْمُدْرَجِ أَنَّ الْمَوْصُولَ مِنْهُ ذِكْرُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَالْبَاقِي مُرْسَلٌ وَرَجَّحَ ابْنُ الْمَوَّاقِ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ الْمَوْصُولِ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْعُقَيْلِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ، وَفِي إسْنَادِهِ كَوْثَرٌ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
قَوْلُهُ: (الْفَرَائِضُ) جَمْعُ فَرِيضَةٍ كَحَدَائِقَ جَمْعُ حَدِيقَةٍ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْفَرْضِ: وَهُوَ الْقَطْعُ، يُقَالُ: فَرَضْت لِفُلَانٍ كَذَا: أَيْ قَطَعْتُ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ وَقِيلَ: هِيَ مِنْ فَرْضِ الْقَوْسِ، وَهُوَ الْحَزُّ الَّذِي فِي طَرَفِهِ حَيْثُ يُوضَعُ الْوَتَرُ لِيَثْبُتَ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ وَلَا يَزُولُ، كَذَا قَالَ الْخَطَّابِيِّ وَقِيلَ: الثَّانِي خَاصٌّ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ مَا أَلْزَمَ بِهِ عِبَادَهُ لِمُنَاسَبَةِ اللُّزُومِ لَمَّا كَانَ الْوِتْرُ يَلْزَمُ مَحَلَّهُ قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَفْظُ النِّصْفِ هَهُنَا عِبَارَةٌ عَنْ الْقِسْمِ الْوَاحِدِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: إنَّمَا قِيلَ لَهُ: نِصْفُ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ يُبْتَلَى بِهِ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَفِيهِ التَّرْغِيبُ فِي تَعَلُّمِ الْفَرَائِضِ وَتَعْلِيمِهَا وَالتَّحْرِيضُ عَلَى حِفْظِهَا، لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تُنْسَى وَكَانَتْ أَوَّلَ مَا يُنْزَعُ مِنْ الْعِلْمِ، فَإِنَّ الِاعْتِنَاءَ أَهَمُّ وَمَعْرِفَتَهَا لِذَلِكَ أَقْوَمُ قَوْلُهُ: (وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَضْلٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ النَّافِعَ الَّذِي يَنْبَغِي تَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ هُوَ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَمَا عَدَاهَا فَفَضْلٌ لَا تَمَسُّ حَاجَةٌ إلَيْهِ قَوْلُهُ: (فَلَا يَجِدَانِ أَحَدًا يُخْبِرُهُمَا) فِيهِ التَّرْغِيبُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ خُصُوصًا عِلْمَ الْفَرَائِضِ لِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّهُ يُنْسَى، وَأَوَّلُ مَا يُنْزَعُ
قَوْلُهُ: (وَعَنْ أَنَسٍ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضِيلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَإِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِضِ فَيَكُونُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِيهَا أَوْلَى مِنْ الرُّجُوعِ إلَى غَيْرِهِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ فِيهَا مُقَدَّمًا عَلَى أَقْوَالِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ، وَلِهَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْفَرَائِضِ