. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَحْرَمًا أَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَقَالُوا: إنْ وُجِدَ جَمْعٌ مَحْصُورُونَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ اسْتَوْعَبُوا وَقِيلَ: يَقْتَصِرُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ فَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْبُطْلَانِ قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا بِالْجَوَازِ وَيُصْرَفُ مِنْهُمْ لِثَلَاثَةٍ وَلَا يَجِبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْقَرَابَةِ كَالشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَ الْكَافِرَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: الْقَرَابَةُ كُلُّ مَنْ جَمَعَهُ وَالْمُوصِي الْأَبُ الرَّابِعُ إلَى مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ وَقَالَ مَالِكٌ: يَخْتَصُّ بِالْعَصَبَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَرِثُهُ أَوْ لَا، وَيَبْدَأُ بِفُقَرَائِهِمْ حَتَّى يَغْنَوْا ثُمَّ يُعْطِي الْأَغْنِيَاءَ، هَكَذَا فِي الْفَتْحِ.
وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالْوَارِثِ وَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ أَنَّ الْقَرَابَةَ وَالْأَقَارِبَ لِمَنْ وَلَدَهُ جَدَّا أَبَوَيْ الْوَاقِفِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى لِبَنِي هَاشِمٍ وَهَاشِمُ جَدُّ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي جَدِّ الْأَبِ، وَأَمَّا جَدُّ الْأُمِّ فَلَا، بَلْ هُوَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْمُدَّعَى مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، إذْ لَمْ يَصْرِفْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَى جَدِّ أُمِّهِ وَأَجَابَ صَاحِبُ شَرْحِ الْأَثْمَارِ أَنَّ خُرُوجَ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى جَدِّ الْأُمِّ هُنَا مُخَصَّصٌ مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ، وَالْعُمُومُ يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ فَلَا يَلْزَمُ إذَا خَصَّ هَهُنَا أَنْ يَخْرُجُوا حَيْثُ لَمْ يَخُصَّ وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَيْضًا عَلَى خُرُوجِ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى جَدِّ الْأُمِّ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِقَرَابَةٍ، لِأَنَّ الْقَرَابَةَ: الْعَشِيرَةُ وَالْعَصَبَةُ، وَلَيْسَ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ بِعَصَبَةٍ وَلَا عَشِيرَةٍ وَإِنْ كَانُوا أَرْحَامًا وَأَصْهَارًا، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَرَابَتِي وَأَقَارِبِي أَوْ ذَوُو أَرْحَامِي لِمَنْ وَلَدَهُ جَدُّ أَبِيهِ مَا تَنَاسَلُوا لِصَرْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى فِي الْهَاشِمِيِّينَ والمطلبيين، وَعُلِّلَ إعْطَاءُ الْمُطَّلِبِيِّينَ بِعَدَمِ الْفُرْقَةِ لَا الْقُرْبِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ لَمَّا سَأَلَهُ بَعْضُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ عَنْ تَخْصِيصِ الْمُطَّلِبِيِّينَ بِالْعَطَاءِ دُونَهُمْ، فَقَالَ: إنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ، وَلَوْ كَانَ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ لِلْقَرَابَةِ فَقَطْ لَكَانَ حُكْمُهُمْ وَحُكْمُ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَاحِدًا لِأَنَّهُمْ مُتَّحِدُونَ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُهُ: (أَفْعَلُ) بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي طَلْحَةَ
قَوْلُهُ: (فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ) فِيهِ تَعْيِينُ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي لَفْظِ أَفْعَلُ، فَإِنَّهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلَهُ أَبُو طَلْحَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ صِيغَةَ أَمْرٍ، وَانْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ " وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي رَوَاهُ عَنْ الْقَعْنَبِيَّ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ، «فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ» أَيْ فِي أَقَارِبِ أَبِي طَلْحَةَ وَبَنِي عَمِّهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إضَافَةُ الْقَسْمِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ الْآمِرُ بِهِ، لَكِنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ، وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ: " فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ "
قَوْلُهُ: (فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ) فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ " فَجَعَلَهَا فِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ " وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ: أَقَلُّ مَنْ يُعْطَى مِنْ الْأَقَارِبِ إذَا لَمْ يَكُونُوا مُنْحَصِرِينَ: اثْنَانِ، وَفِيهِ نَظَرٌ،