وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسَنَاتٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ)
2509 - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَجَّ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا: أَحِجَّنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: مَا عِنْدِي مَا أُحِجُّكِ عَلَيْهِ، قَالَتْ: أَحِجَّنِي عَلَى جَمَلِك فُلَانٍ، قَالَ: ذَلِكَ حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: أَمَا إنَّك لَوْ أَحْجَجْتَهَا عَلَيْهِ كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي حَقِّ خَالِدٍ: قَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» )
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُخْتَصَرًا، وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ مَعْقِلٍ الْأَسَدِيَّةِ فِي بَابِ الصَّرْفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَحَدِيثُ تَحْبِيسِ خَالِدٍ لِأَدْرَاعِهِ وَأَعْتَادِهِ قَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ
قَوْلُهُ: (إنَّ الْمِائَةَ السَّهْمِ. . . إلَخْ) اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمُشَاعِ وَقَدْ حُكِيَ صِحَّةُ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْهَادِي وَالْقَاسِمِ وَالنَّاصِرِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمَالِكٍ وَاحْتُجَّ لَهُمْ بِأَنَّ عُمَرَ وَقَفَ مِائَةَ سَهْمٍ بِخَيْبَرَ وَلَمْ تَكُنْ مَقْسُومَةً وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْإِمَامِ يَحْيَى وَمُحَمَّدٍ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ التَّعْيِينَ
وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ الْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيمَا قِسْمَتُهُ مُهَيَّأَةٌ لَا فِي غَيْرِهِ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى مَنْعِ الْقِسْمَةِ أَوْ بَيْعِ الْوَقْفِ وَعَنْ أَبِي طَالِبٍ يَصِحُّ فِيمَا قِسْمَتُهُ إفْرَازٌ كَالْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ وَإِلَّا فَلَا وَأَوْضَحُ مَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ مَنَعَ مِنْ وَقْفِ الْمُشَاعِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمُشْتَرَكِ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ لِلشَّرِيكَيْنِ، فَيَلْزَمُ مَعَ وَقْفِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ مِثْلَ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كَوْنِهِ مَمْلُوكًا، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كَوْنِهِ مَوْقُوفًا فَيَتَّصِفُ كُلُّ جُزْءٍ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا، وَيَتَّصِفُ بِذَلِكَ الْجُمْلَةُ وَأَجَابَ صَاحِبُ الْمَنَارِ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ نَظِيرُ الْعِتْقِ الْمُشَاعِ، وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ هُنَاكَ كَحَدِيثِ السِّتَّةِ الْأَعْبُدِ كَمَا صَحَّ هُنَا، وَإِذَا صَحَّ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ بَطَلَ هَذَا الِاسْتِدْلَال
وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْبُخَارِيُّ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمُشَاعِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ