. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالذِّئْبَ لَا يَمْلِكُ
1 -
وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَاءَ صَاحِبُهَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَهَا الْمُلْتَقِطُ كَانَ لَهُ أَخْذُهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي اللُّقَطَةِ " شَأْنَكَ بِهَا أَوْ خُذْهَا " وَبَيْنَ قَوْلِهِ " هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ " بَلْ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِالتَّمْلِيكِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرِكْ مَعَهُ ذِئْبًا وَلَا غَيْرَهُ
قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُك. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَرُدَّ اللُّقَطَةَ إلَى مَنْ وَصَفَهَا بِالْعَلَامَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ دُونِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَبِهِ قَالَ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَالْإِمَامُ يَحْيَى وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ الْحَنَفِيُّ، قَالُوا:؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالظَّنِّ لِاعْتِمَادِهِ فِي أَكْثَرِ الشَّرِيعَةِ، إذْ لَا تُفِيدُ الْبَيِّنَةُ إلَّا الظَّنَّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاسِمِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ اللُّقْطَةَ لَا تُرَدُّ لِلْوَاصِفِ وَإِنْ ظَنَّ الْمُلْتَقِطُ صِدْقَهُ إذْ هُوَ مُدَّعٍ فَلَا تُقْبَلُ وَحُكِيَ فِي الْفَتْحِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ إلَى الْوَاصِفِ إنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
قَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ، يَعْنِي: قَوْلُهُ: " فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا يُخْبِرُكَ. . . إلَخْ " لَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهَا وَهِيَ فَائِدَةُ قَوْلِهِ: " اعْرِفْ عِفَاصَهَا " إلَى آخِرِهِ، وَإِلَّا فَالِاحْتِيَاطُ مَعَ مَنْ لَمْ يَرَ الرَّدَّ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ قَالَ: وَيَتَأَوَّلُونَ قَوْلَهُ: " اعْرِفْ عِفَاصَهَا " عَلَى أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ بِمَالِهِ، أَوْ لِتَكُونَ الدَّعْوَى فِيهَا مَعْلُومَةً وَذَكَرَ غَيْرُهُ مِنْ فَوَائِدِ ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ يَعْرِفَ صِدْقَ الْمُدَّعِي مِنْ كَذِبِهِ، وَأَنَّ فِيهَا تَنْبِيهًا عَلَى حِفْظِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْوِعَاءُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِلْقَائِهِ إذَا أُخِذَتْ النَّفَقَةُ، وَأَنَّهُ إذَا نَبَّهَ عَلَى حِفْظِ الْوِعَاءِ كَانَ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى حِفْظِ النَّفَقَةِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى قَالَ الْحَافِظُ: قَدْ صَحَّتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَيْهَا اهـ
، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ فَتُرَدُّ اللُّقَطَةُ لِمَنْ وَصَفَهَا بِالصِّفَاتِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ
1 -
وَأَمَّا إذَا ذَكَرَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْضَ الْأَوْصَافِ دُونَ بَعْضٍ كَأَنْ يَذْكُرَ الْعِفَاصَ دُونَ الْوِكَاءِ، أَوْ الْعِفَاصَ دُونَ الْعَدَدِ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقِيلَ: لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ جَمِيعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَقِيلَ: تُدْفَعُ إلَيْهِ إذَا جَاءَ بِبَعْضِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ مُجَرَّدَ الْوَصْفِ يَكْفِي وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ لَهَا عِفَاصٌ وَوِكَاءٌ وَعَدَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهَا الْبَعْضُ مِنْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي ذِكْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَوْصَافٍ مُخْتَصَّةٍ بِهَا تَقُومُ مَقَامَ وَصْفِهَا بِالْأُمُورِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا) الْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ " فَاسْتَنْفِقْهَا "
1 -
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا إذَا تَصَرَّفَ الْمُلْتَقِطُ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا سَنَةً ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا هَلْ يَضْمَنُهَا لَهُ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى وُجُوبِ الرَّدِّ إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مَوْجُودَةً أَوْ الْبَدَلِ إنْ كَانَتْ اُسْتُهْلِكَتْ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْكَرَابِيسِيُّ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ، وَوَافَقَهُ صَاحِبُهُ الْبُخَارِيُّ وَدَاوُد بْنُ عَلِيٍّ إمَامُ الظَّاهِرِيَّةِ، لَكِنْ وَافَقَ دَاوُد الْجُمْهُورَ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً وَمِنْ أَدِلَّةِ قَوْلِ الْجُمْهُورِ مَا تَقَدَّمَ بِلَفْظِ " وَلْتَكُنْ