2461 - (وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ، أَوْ لِيَحْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَا يَكْتُمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) .
2462 - (وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَأْوِي الضَّالَّةَ إلَّا ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَزِيمَةً، وَتَعْرِيفَ الثَّلَاثِ رُخْصَةٌ تَيْسِيرًا لِلْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقَطَ الْيَسِيرَ يَشُقُّ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ سَنَةً مَشَقَّةً عَظِيمَةً بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَلْتَقِطُ الْيَسِيرَ، وَالرُّخْصَةُ لَا تُعَارِضُ الْعَزِيمَةَ، بَلْ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ بَقَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ، وَيُؤَيِّدُ تَعْرِيفَ الثَّلَاثِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ عَلِيًّا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدِينَارٍ وَجَدَهُ فِي السُّوقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَرِّفْهُ ثَلَاثًا، فَفَعَلَ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: كُلْهُ» اهـ
وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُقَيَّدَ مُطْلَقُ الِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ بِالتَّعْرِيفِ بِالثَّلَاثِ الْمَذْكُورِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْحَقِيرِ إلَّا بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهِ ثَلَاثًا حَمْلَا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْحَقِيرُ مَأْكُولًا، فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا جَازَ أَكْلُهُ وَلَمْ يَجِبْ التَّعْرِيفُ بِهِ أَصْلًا كَالتَّمْرَةِ وَنَحْوِهَا لِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ أَكْلِ التَّمْرَةِ إلَّا خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَكَلَهَا وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا وَجَدَتْ تَمْرَةً فَأَكَلَتْهَا وَقَالَتْ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْفَسَادَ قَالَ فِي الْفَتْحِ: يَعْنِي: أَنَّهَا لَوْ تَرَكَتْهَا فَلَمْ تُؤْخَذْ فَتُؤْكَلْ لَفَسَدَتْ قَالَ: وَجَوَازُ الْأَكْلِ هُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ اهـ
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُقَيَّدُ حَدِيثُ التَّمْرَةِ بِحَدِيثِ التَّعْرِيفِ ثَلَاثًا كَمَا قُيِّدَ بِهِ حَدِيثُ الِانْتِفَاعِ وَلَكِنَّهَا لَمْ تَجْرِ لِلْمُسْلِمِينَ عَادَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَأَيْضًا الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَأَكَلْتهَا " أَيْ: فِي الْحَالِ وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبَعْدِ أَنْ يُرِيدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَأَكَلْتهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهَا ثَلَاثًا وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِقْدَارِ التَّعْرِيفِ بِالْحَقِيرِ، فَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرِ وَالْقَاسِمِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُعَرِّفُ بِهِ سَنَةً كَالْكَثِيرِ وَحُكِيَ عَنْ الْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَالْإِمَامِ يَحْيَى وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعَرِّفُ بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " عَرِّفْهَا سَنَةً " قَالُوا: وَلَمْ يُفَصِّلْ وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِحَدِيثِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ وَحَدِيثِ عَلِيٍّ وَجَعَلُوهُمَا مُخَصِّصَيْنِ لِعُمُومِ حَدِيثِ التَّعْرِيفِ سَنَةً، وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا سَلَفَ قَالَ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ: قُلْت: الْأَقْوَى تَخْصِيصُهُ بِمَا مَرَّ لِلْحَرَجِ اهـ
، يَعْنِي: تَخْصِيصَ حَدِيثِ السَّنَةِ بِحَدِيثِ التَّعْرِيفِ ثَلَاثَةً