نيل الاوطار (صفحة 1961)

كِتَابُ اللُّقَطَةِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ شُعْبَةُ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ اهـ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: نَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْفُوظًا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ غَيْرَ عَبْدِ الْمَلِكِ تَفَرَّدَ بِهِ وَيُرْوَى عَنْ جَابِرٍ خِلَافُ هَذَا اهـ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَعَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا ثِقَةٌ مَأْمُونٌ، وَلَكِنْ قَدْ أُنْكِرَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ قَالَ شُعْبَةُ: سَهَا فِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ فَإِنْ رَوَى حَدِيثًا مِثْلَهُ طَرَحْتُ حَدِيثَهُ ثُمَّ تَرَكَ شُعْبَةُ التَّحْدِيثَ عَنْهُ وَقَالَ أَحْمَدُ: هَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرٌ وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَقَدْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ قُلْتُ: وَيُقَوِّي ضَعْفَهُ رِوَايَةُ جَابِرٍ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ مَا يَقْدَحُ بِمِثْلِهِ وَقَدْ احْتَجَّ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِحَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَخْرَجَ لَهُ أَحَادِيثَ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يُخَرِّجَا لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ

قَوْلُهُ: (يُنْتَظَرُ بِهَا) مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ قَالَ ابْنُ رِسْلَانَ: يَحْتَمِلُ انْتِظَارُ الصَّبِيِّ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَبْلُغَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصَّبِيُّ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يُدْرِكَ فَإِذَا أَدْرَكَ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَزِيعٍ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ غَائِبًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شُفْعَةَ الْغَائِبِ لَا تَبْطُلُ وَإِنْ تَرَاخَى، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّيْرُ مَتَى بَلَغَهُ الطَّلَبُ أَوْ الْبَعْثُ بِرَسُولٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَسَافَةُ غَيْبَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ فَوْقَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ

قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِوَارَ بِمُجَرَّدِهِ لَا تَثْبُتُ بِهِ الشُّفْعَةُ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ اتِّحَادِ الطَّرِيقِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاعْتِبَارَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمَيْنِ «فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» وَقَدْ أَسْلَفْنَا الْكَلَامَ عَلَى الشُّفْعَةِ بِمُجَرَّدِ الْجِوَارِ فَائِدَةٌ: مِنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الشُّفْعَةِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَالْبَزَّارِ بِلَفْظِ: «لَا شُفْعَةَ لِغَائِبٍ وَلَا لِصَغِيرٍ، وَالشُّفْعَةُ كَحَلِّ عِقَالٍ» وَفِي إسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ وَلَهُ مَنَاكِيرُ كَثِيرَةٌ وَقَالَ الْحَافِظُ: إنَّ إسْنَادَهُ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا أَصْلَ لَهُ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرٌ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ بِثَابِتٍ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا بِلَفْظِ: «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ، فَإِنْ قَيَّدَهَا مَكَانَهُ ثَبَتَ حَقُّهُ وَإِلَّا فَاللَّوْمُ عَلَيْهِ» وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ عَنْهُ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ فِي الْمُحَلَّى وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْمُحَلَّى وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ قَوْلِ شُرَيْحٍ: إنَّمَا الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا، وَذَكَرَهُ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِي دَلَائِلِهِ وَرَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِلَا إسْنَادٍ بِلَفْظِ: «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا» أَيْ: بَادَرَ إلَيْهَا وَيُرْوَى «الشُّفْعَةُ كَنَشْطِ عِقَالٍ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015