. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَكَ كَذَا وَكَذَا أَمْرًا رَغَّبَهُ فِيهِ، فَأَبَى، فَقَالَ: أَنْتَ مُضَارٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَنْصَارِيِّ: اذْهَبْ فَاقْلَعْ نَخْلَهُ» وَفِي سَمَاعِ الْبَاقِرِ مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ نَظَرٌ، فَقَدْ نُقِلَ مِنْ مَوْلِدِهِ وَوَفَاةِ سَمُرَةَ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ سَمَاعُهُ
قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا كَانَ الزَّرْعُ لِلْمَالِكِ لِلْأَرْضِ، وَلِلْغَاصِبِ مَا غَرِمَهُ فِي الزَّرْعِ يُسَلِّمُهُ لَهُ مَالِكُ الْأَرْضِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالَ ابْنُ رِسْلَانَ: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ بَذْرَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَاسْتَرْجَعَهَا صَاحِبُهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسْتَرْجِعَهَا مَالِكُهَا وَيَأْخُذَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ أَوْ يَسْتَرْجِعَهَا وَالزَّرْعُ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يُحْصَدَ، فَإِنْ أَخَذَهَا مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ فَإِنَّ الزَّرْعَ لِغَاصِبِ الْأَرْضِ لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ إلَى وَقْتِ التَّسْلِيمِ وَضَمَانُ نَقْصِ الْأَرْضِ وَتَسْوِيَةُ حُفَرِهَا وَإِنْ أَخَذَ الْأَرْضَ صَاحِبُهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَالزَّرْعُ فِيهَا قَائِمٌ لَمْ يَمْلِكْ إجْبَارَ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ، وَخُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ نَفَقَتَهُ وَيَكُونَ الزَّرْعُ لَهُ، أَوْ يَتْرُكَ الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَمْلِكُ إجْبَارَ الْغَاصِبِ عَلَى قَلْعِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» وَيَكُونُ الزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ عِنْدَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى زَرْعًا فِي أَرْضِ ظُهَيْرٍ فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ زَرْعَ ظُهَيْرٍ، فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لِظُهَيْرٍ وَلَكِنَّهُ لِفُلَانٍ، قَالَ: فَخُذُوا زَرْعَكُمْ وَرُدُّوا عَلَيْهِ نَفَقَتَهُ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» مُطْلَقًا فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ، وَهَذَا عَلَى فَرْضِ أَنَّ قَوْلَهُ " لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْبَذْرِ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إذَا اسْتَرْجَعَ أَرْضَهُ وَالزَّرْعُ فِيهَا وَأَمَّا إذَا اسْتَرْجَعَهَا بَعْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَيْضًا لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلَكِنَّهُ إذَا صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لِلْغَاصِبِ كَانَ مُخَصِّصًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرَ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ مِثْلُ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ، فِي الْبَحْرِ أَنَّ مَالِكًا وَالْقَاسِمَ يَقُولَانِ: الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَاحْتَجَّ لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا» وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَيُنْظَرُ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ رِسْلَانَ: إنَّ حَدِيثَ " لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ " وَرَدَ فِي الْغَرْسِ الَّذِي لَهُ عِرْقٌ مُسْتَطِيلٌ فِي الْأَرْضِ، وَحَدِيثُ رَافِعٍ وَرَدَ فِي الزَّرْعِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَيُعْمَلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَكِنْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْجَمْعِ أَرْجَحُ، لِأَنَّ بِنَاءَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ أَوْلَى مِنْ الْمَصِيرِ إلَى قَصْرِ الْعَامِّ عَلَى السَّبَبِ