. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا التَّفْسِيرِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الزَّرْعِ وَالْمَعْدِنِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ إقْطَاعِ بِلَالٍ تَقَدَّمَ هُنَالِكَ بِلَفْظٍ غَيْرِ مَا هُنَا وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْقَبَلُ مُحَرَّكَةٌ نَشْرٌ مِنْ الْأَرْضِ يَسْتَقْبِلُكَ، أَوْ رَأْسُ كُلِّ أَكَمَةٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ مُجْتَمَعِ رَمْلٍ، وَالْمَحَجَّةُ: الْوَاضِحَةُ اهـ
قَوْلُهُ: (جَلْسِيَّهَا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا يَاءُ النَّسَبِ، وَالْجَلْسُ: كُلُّ مُرْتَفِعٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَيُطْلَقُ عَلَى أَرْضِ نَجْدٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ قَوْلُهُ: (وَغَوْرِيَّهَا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى غَوْرٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: إنَّ الْغَوْرَ يُطْلَقُ عَلَى مَا بَيْنَ ذَاتِ عِرْقٍ إلَى الْبَحْرِ وَكُلِّ مَا انْحَدَرَ مَغْرِبَا عَنْ تِهَامَةَ، وَمَوْضِعٌ مُنْخَفِضٌ بَيْنَ الْقُدْسِ وَحُورَانَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي عَرْضِ فَرْسَخَيْنِ، وَمَوْضِعٌ فِي دِيَارِ بَنِي سُلَيْمٍ، وَمَاءٌ لِبَنِي الْعَدَوِيَّةِ اهـ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا الْمَوَاضِعُ الْمُرْتَفِعَةُ وَالْمُنْخَفِضَةُ مِنْ مَعَادِنِ الْقَبَلِيَّةِ قَوْلُهُ: (مِنْ قُدْسٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ: وَهُوَ جَبَلٌ عَظِيمٌ بِنَجْدٍ كَمَا فِي الْقَامُوسِ
وَقِيلَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ الَّذِي يَصْلُحُ لِلزَّرْعِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: (الْعِدُّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْمَاءُ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا تَنْقَطِعُ كَمَاءِ الْعَيْنِ اهـ وَجَمْعُهُ أَعْدَادٌ، وَقِيلَ الْعِدُّ: مَا يُجْمَعُ وَيُعَدُّ، وَرَدَّهُ الْأَزْهَرِيُّ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ إقْطَاعُ الْمَعَادِنِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِقْطَاعِ: جَعْلُ بَعْضِ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ مُخْتَصَّةً بِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مَعْدِنًا أَوْ أَرْضًا لِمَا سَيَأْتِي فَيَصِيرُ ذَلِكَ الْبَعْضُ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَوَاتِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدٌ، وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: حَكَى عِيَاضٌ أَنَّ الْإِقْطَاعَ تَسْوِيغُ الْإِمَامِ مِنْ مَالِ اللَّهِ شَيْئًا لِمَنْ يَرَاهُ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهَا لِمَنْ يَرَاهُ مَا يَحُوزُهُ، إمَّا بِأَنْ يُمَلِّكَهُ إيَّاهُ فَيُعْمِرَهُ، وَإِمَّا بِأَنْ يَجْعَلَ لَهُ غَلَّتَهُ مُدَّةً قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالثَّانِي هُوَ الَّذِي يُسَمَّى فِي زَمَانِنَا هَذَا إقْطَاعَا، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى طَرِيقٍ فِقْهِيٍّ مُشْكِلٌ قَالَ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْمُقْطَعِ بِذَلِكَ اخْتِصَاصٌ كَاخْتِصَاصِ الْمُتَحَجِّرِ وَلَكِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ بِذَلِكَ، وَبِهَذَا جَزَمَ الطَّبَرِيُّ وَادَّعَى الْأَذْرَعِيُّ نَفْيَ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ تَخْصِيصِ الْإِمَامِ بَعْضَ الْجُنْدِ بِغَلَّةِ أَرْضِهِ إذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِذَلِكَ، هَكَذَا فِي الْفَتْحِ
وَحَكَى صَاحِبُ الْفَتْحِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ التِّينِ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَمَّى إقْطَاعَا إذَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ، وَإِنَّمَا يُقْطَعُ مِنْ الْفَيْءِ وَلَا يُقْطَعُ مِنْ حَقِّ مُسْلِمٍ وَلَا مُعَاهِدٍ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْإِقْطَاعُ تَمْلِيكًا وَغَيْرَ تَمْلِيكٍ، وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إقْطَاعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدُّورَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ الْحَافِظُ: كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا، وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَقْطَعَ الدُّورَ» ، يَعْنِي: أَنْزَلَ الْمُهَاجِرِينَ فِي دُورِ الْأَنْصَارِ بِرِضَاهُمْ قَوْلُهُ: (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. . . إلَخْ) ذَكَرَ الْخَطَّابِيِّ