كِتَابُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِلَفْظِ «كَانَ لِلْعَبَّاسِ مِيزَابٌ عَلَى طَرِيقِ عُمَرَ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَصَابَهُ مِنْهُ مَاءٌ بِدَمٍ، فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنَّهُ لَلْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَمَا صَعِدْت عَلَى ظَهْرِي حَتَّى تَضَعَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْهُ فَقَالَ: هُوَ خَطَأٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ ضَعِيفَةٍ أَوْ مُنْقَطِعَةٍ، وَلَفْظُ أَحَدِهَا " وَاَللَّهِ مَا وَضَعَهُ حَيْثُ كَانَ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ " وَأَوْرَدَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَ الْحَاكِمُ: وَلَمْ يَحْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هَارُونَ الْمَدَنِيِّ قَالَ: كَانَ فِي دَارِ الْعَبَّاسِ مِيزَابٌ فَذَكَرَهُ
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إخْرَاجِ الْمَيَازِيبِ إلَى الطُّرُقِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ مُحْدَثَةً تَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ مُنِعَتْ لِأَحَادِيثِ الْمَنْعِ مِنْ الضِّرَارِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةُ الْعِتْرَةِ: وَيُمْنَعُ فِي الطَّرِيقِ الْغَرْسُ وَالْبِنَاءُ وَالْحَفْرُ وَمُرُورُ أَحْمَالِ الشَّوْكِ وَوَضْعُ الْحَطَبِ وَالذَّبْحُ فِيهَا وَطَرْحُ الْقُمَامَةِ وَالرَّمَادِ وَقِشْرِ الْمَوْزِ وَإِحْدَاثُ السَّوَاحِلِ وَالْمَيَازِيبِ وَرَبْطُ الْكِلَابِ الضَّارِيَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْأَذَى اهـ ثُمَّ حَكَى فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْهَادَوِيَّةِ أَنَّهَا لَا تُضَيَّقُ قَرَارُ السِّكَكِ النَّافِذَةِ وَلَا هَوَاؤُهَا بِشَيْءٍ وَإِنْ اتَّسَعَتْ، إذْ الْهَوَاءُ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ فِي كَوْنِهِ حَقًّا كَتَبَعِيَّةِ هَوَاءِ الْمِلْكِ لِقَرَارِهِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: إنَّمَا حَقُّ الْمَارِّ فِي الْقَرَارِ لَا الْهَوَاءِ فَيَجُوزُ الرَّوْشَنُ وَالسَّابَاطُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ، وَكَذَلِكَ الْمِيزَابُ
قَالَ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ: وَيَجُوزُ تَضْيِيقُ النَّافِذَةِ الْمُسَبَّلَةِ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ تَضْيِيقُ هَوَائِهَا بِالْأَوْلَى وَإِلَى مِثْلِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُؤَيَّدُ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ، وَقَالُوا: يَجُوزُ أَيْضًا التَّضْيِيقُ لِمَصْلَحَةٍ خَاصَّةٍ فِي الطُّرُقِ الْمَشْرُوعَةِ بَيْنَ الْأَمْلَاكِ