عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: ابْتَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْعًا فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَآتِيَنَّ عُثْمَانَ فَلَأَحْجُرَنَّ عَلَيْكَ، فَأَعْلَمَ ذَلِكَ ابْنُ جَعْفَرٍ الزُّبَيْرَ، فَقَالَ: أَنَا شَرِيكُكَ فِي بَيْعَتِكَ، فَأَتَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: تَعَالَ اُحْجُرْ عَلَى هَذَا، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا شَرِيكُهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ شَرِيكُهُ الزُّبَيْرُ؟ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ)
هَذِهِ الْقِصَّةُ رَوَاهَا الشَّافِعِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْرَجَهَا أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: يُقَالُ إنَّ أَبَا يُوسُفَ تَفَرَّدَ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ الْمَدَنِيِّ الْقَاضِي عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ وَرَوَاهَا أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ عَنْ عَفَّانِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَلَا تَأْخُذْ عَلَى يَدِ ابْنِ أَخِيكَ، يَعْنِي: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَتَحْجُرْ عَلَيْهِ؟ اشْتَرَى سَبِخَةً بِسِتِّينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِبَغْلِي، وَقَدْ سَاقَ الْقِصَّةَ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ: اشْتَرَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَرْضًا فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَعَزَمَ عَلَى أَنْ يَسْأَلَ عُثْمَانَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إلَى الزُّبَيْرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا شَرِيككَ فَلَمَّا سَأَلَ عَلِيٌّ عُثْمَانَ الْحَجْرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: كَيْفَ أَحْجُرُ عَلَى مَنْ شَرِيكُهُ الزُّبَيْرُ؟ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ أَنَّ الثَّمَنَ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: الثَّمَنُ ثَلَاثُونَ أَلْفًا قَالَ الْحَافِظُ: لَعَلَّهُ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ وَالصَّوَابُ بِسِتِّينَ، يَعْنِي: أَلْفًا انْتَهَى وَرَوَى الْقِصَّةَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: بِسِتِّينَ أَلْفًا وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ مَنْ أَجَازَ الْحَجْرَ عَلَى مَنْ كَانَ سَيِّئَ التَّصَرُّفِ وَبِهِ قَالَ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعُثْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَشُرَيْحٌ وَعَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، هَكَذَا فِي الْبَحْرِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ الْحَجْرِ عَلَى الْكَبِيرِ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ، وَوَافَقَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَمْ أَرَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْعَ الْحَجْرِ عَلَى الْكَبِيرِ وَلَا عَنْ التَّابِعِينَ إلَّا عَنْ إبْرَاهِيمَ وَابْنِ سِيرِينَ، ثُمَّ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ إلَيْهِ مَالُهُ بَعْدَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةٍ، وَلَهُمْ أَنْ يُجِيبُوا عَنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَنْ بَعْضٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْحُجَّةُ إنَّمَا هُوَ إجْمَاعُهُمْ، وَالْأَصْلُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ لِكُلِّ مَالِكٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى مَنْعِهِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ سَفَهٌ كَانَ أَمْرًا