. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَبَحَ حَتَّى صَلَّيْنَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا بَعْدَ صَلَاةِ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: " مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ " الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ وَهِيَ صَلَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَلَاةُ الْأَئِمَّةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عَصْرِ النُّبُوَّةِ
وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ «أَنَّ رَجُلًا ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَهَى أَنْ يَذْبَحَ أَحَدٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ» وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: فَنَحَرُوا وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَحَرَ. . . إلَخْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِنَحْرِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ وَقْتَ التَّضْحِيَةِ إلَّا بَعْدَ نَحْرِهِ، وَمَنْ فَعَلَ قَبْلَ ذَلِكَ أَعَادَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ. وَيَجْمَع بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ وَقْتَ النَّحْرِ يَكُونُ لِمَجْمُوعِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَنَحْرِهِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا مَالِكٌ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَخُطْبَتِهِ وَذَبْحِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَيَجُوزُ بَعْدَهَا قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ: وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ أَهْلُ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ وَنَحْوُهُ عَنْ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يَجُوزُ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ خُطْبَتِهِ، وَفِي أَثْنَائِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَدَاوُد وَآخَرُونَ: إنَّ وَقْتَ التَّضْحِيَةِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِذَا طَلَعَتْ وَمَضَى قَدْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَخُطْبَتِهِ أَجْزَأَ الذَّبْحُ بَعْدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ صَلَّى الْإِمَامُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ صَلَّى الْمُضَحِّي أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَالْبَوَادِي، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَوْ مِنْ الْمُسَافِرِينَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَدْخُلُ وَقْتُهَا فِي حَقِّ أَهْلِ الْقُرَى وَالْبَوَادِي إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَا يَدْخُلُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْإِمَامُ وَيَخْطُبَ، فَإِذَا ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ. وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ: إنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ بَعْدَ صَلَاةِ الْمُضَحِّي سَوَاءٌ صَلَّى الْإِمَامُ أَمْ لَا، فَإِذَا لَمْ يُصَلِّ الْمُضَحِّي وَكَانَتْ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ كَانَ وَقْتُهَا مِنْ الزَّوَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ لِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ أَوْ كَانَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ صَلَاةُ الْعِيدِ، فَوَقْتُهَا مِنْ فَجْرِ النَّحْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ هُوَ الْمُوَافِقُ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ، وَبَقِيَّةُ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ بَعْضُهَا مَرْدُودٌ بِجَمِيعِ أَحَادِيثِ الْبَابِ، وَبَعْضُهَا يَرُدُّ عَلَيْهِ بَعْضَهَا.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إمَامٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِكُلِّ مُضَحٍّ. بِصَلَاتِهِ وَقَالَ رَبِيعَةُ فِيمَنْ لَا إمَامَ لَهُ: إنْ ذَبَحَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا تُجْزِئُهُ وَبَعْدَ طُلُوعِهَا تُجْزِئُهُ وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِ التَّضْحِيَةِ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَقَدْ تَأَوَّلَ أَحَادِيثَ الْبَابِ مَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَذَبْحِهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الزَّجْرُ عَنْ التَّعْجِيلِ الَّذِي يُؤَدِّي إلَى فِعْلِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَبِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاتِهِ، فَالتَّعْلِيقُ بِصَلَاتِهِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إلَّا التَّعْلِيقَ بِصَلَاةِ الْمُضَحِّي نَفْسِهِ، لَكِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَقَعُ صَلَاتُهُمْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ مُتَقَدِّمَةٍ وَلَا مُتَأَخِّرَةٍ وَقَعَ التَّعْلِيقُ بِصَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ الْعَصْرِ الَّذِي بَعْدَ عَصْرِهِ فَإِنَّهَا تُصَلِّي صَلَاةَ الْعِيدِ فِي الْمِصْرِ الْوَاحِدِ جَمَاعَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ كَانُوا لَا يُصَلُّونَ الْعِيدَ إلَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا