. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَرَهُمْ بِالتَّمَتُّعِ وَهُوَ أَنْ يُهِلُّوا بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا وَيُقَدِّمُوهَا قَبْلَ الْحَجِّ. قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِدَفْعِ التَّنَاقُضِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: إنَّ حَمْلَ قَوْلِهِ تَمَتَّعَ عَلَى مَعْنَى (أَمَرَ) مِنْ أَبْعَدِ التَّأْوِيلَاتِ، وَالِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ رَجَمَ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالرَّجْمِ مِنْ أَوْهَنِ الِاسْتِشْهَادَاتِ؛ لِأَنَّ الرَّجْمَ وَظِيفَةُ الْإِمَامِ، وَاَلَّذِي يَتَوَلَّاهُ إنَّمَا يَتَوَلَّاهُ نِيَابَةً عَنْهُ. وَأَمَّا أَعْمَالُ الْحَجِّ مِنْ إفْرَادٍ وَقِرَانٍ وَتَمَتُّعٍ فَإِنَّهُ وَظِيفَةُ كُلِّ أَحَدٍ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَوْرَدَ تَأْوِيلًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الرَّاوِيَ عَهِدَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَفْعَلُونَ إلَّا كَفِعْلِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» فَلَمَّا تَحَقَّقَ أَنَّ النَّاسَ تَمَتَّعُوا ظَنَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَتَّعَ فَأَطْلَقَ ذَلِكَ قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يَتَعَيَّنُ هَذَا أَيْضًا، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَمَتَّعَ مَحْمُولًا عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ: وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِإِسْقَاطِ عَمَلِ الْعُمْرَةِ وَالْخُرُوجُ إلَى مِيقَاتِهَا وَغَيْرِهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ. قَوْلُهُ: (بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ) قَالَ الْمُهَلَّبُ أَيْضًا: أَيْ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. قَوْلُهُ: (وَلْيُقَصِّرْ) قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ بِفِعْلِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالتَّقْصِيرِ يَصِيرُ حَلَالًا، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ وَالتَّقْصِيرَ نُسُكٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ، قَالَ: وَإِنَّمَا أَمْرُهُ بِالتَّقْصِيرِ دُونَ الْحَلْقِ أَفْضَلُ لِيَبْقَى لَهُ شَعْرٌ يَحْلِقُهُ فِي الْحَجِّ قَوْلُهُ: (وَلْيُحِلَّ) هُوَ أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْخَبَرُ: أَيْ قَدْ صَارَ حَلَالًا فَلَهُ فِعْلُ كُلِّ مَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا عَلَى الْإِبَاحَةِ لِفِعْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَرَامًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ لْيُهِلَّ بِالْحَجِّ) أَيْ يُحْرِمَ وَقْتَ خُرُوجِهِ إلَى عَرَفَةَ، وَلِهَذَا أَتَى بِثُمَّ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَاخِي، فَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يُهِلُّ بِالْحَجِّ عَقِبَ إحْلَالِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ قَوْلُهُ: (وَلْيُهْدِ) أَيْ هَدْيَ التَّمَتُّعِ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ. . . إلَخْ) أَيْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ لَمْ يَجِدْ ثَمَنَهُ أَوْ كَانَ يَجِدُ هَدْيًا وَلَكِنْ يَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ يَبِيعُهُ لِغَلَاءٍ، فَيَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ؛ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ. وَإِنْ صَامَهَا قَبْلَ الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَأَمَّا قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَجَوَّزَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الرَّأْيِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ خَبَّ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الطَّوَافِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ أَيْضًا عَلَى صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْإِفَاضَةِ وَسَوْقِ الْهَدْيِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَنَّ حَجَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ تَمَتُّعًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ) الْمَوْصُولُ فَاعِلٌ. قَوْلُهُ: فَعَلَ: أَيْ فَعَلَ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَغْرَبَ الْكَرْمَانِيُّ فَشَرَحَهُ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ فَعَلَ هُوَ ابْنُ عُمَرَ رَاوِي الْخَبَرِ، وَفَصَلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ بَيْنَ قَوْلِهِ: فَعَلَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: مَنْ أَهْدَى بِلَفْظِ (بَابُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا خَطَأٌ شَنِيعٌ. وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: أَمَرَنَا أَبُو ذَرٍّ أَنْ نَضْرِبَ عَلَى هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، يَعْنِي قَوْلَهُ: مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ وَذَلِكَ لِظَنِّهِ بِأَنَّهَا تَرْجَمَةٌ