. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ شَهَادَةَ وَاحِدٍ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ، وَكَانَ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ الْإِفْطَارِ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ» قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تَفَرَّدَ بِهِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْأَيْلِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْبَابِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ فِي دُخُولِ رَمَضَانَ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ قَالَ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالْهَادَوِيَّةُ: إنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْوَاحِدُ بَلْ يُعْتَبَرُ اثْنَانِ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ الْآتِي، وَفِيهِ «فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مُسْلِمَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» وَبِحَدِيثِ أَمِيرِ مَكَّةَ الْآتِي، وَفِيهِ " فَإِنْ لَمْ نَرَهُ وَشَهِدَ شَاهِدَا عَدْلٍ " وَظَاهِرُهُمَا اعْتِبَارُ شَاهِدَيْنِ. وَتَأْوَلُوا الْحَدِيثَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَهِدَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُهُمَا. وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالِاثْنَيْنِ غَايَةُ مَا فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ قَبُولِ الْوَاحِدِ بِالْمَفْهُومِ. وَحَدِيثَا الْبَابِ يَدُلَّانِ عَلَى قَبُولِهِ بِالْمَنْطُوقِ، وَدَلَالَةُ الْمَنْطُوقِ أَرْجَحُ. وَأُمَّا التَّأْوِيلُ بِالِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ فَتَعَسُّفٌ وَتَجْوِيزٌ لَوْ صَحَّ اعْتِبَارُ مِثْلِهِ لَكَانَ مُفْضِيًا إلَى طَرْحِ أَكْثَرِ الشَّرِيعَةِ. وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الصَّادِقِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ الْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ الْوَاحِدُ فِي الْغَيْمِ لِاحْتِمَالِ خَفَاءِ الْهِلَالِ عَنْ غَيْرِهِ لَا الصَّحْوَ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا جَمَاعَةٌ لِبُعْدِ خَفَائِهِ. وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي شَهَادَةِ خُرُوجِ رَمَضَانَ، فَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ جَمِيعًا وَالْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوَاحِدُ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ عَدْلٍ وَاحِدٍ عَلَى هِلَالِ شَوَّالٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَجَوَّزَهُ بِعَدْلٍ انْتَهَى. وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ مِمَّا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ ضَعْفِ مَنْ تَفَرَّدَ بِهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ وَحَدِيثُ أَمِيرِ مَكَّةَ الْآتِيَانِ فَهُمَا وَارِدَانِ فِي شَهَادَةِ دُخُولِ رَمَضَانَ. أَمَّا حَدِيثُ أَمِيرِ مَكَّةَ فَظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ فِيهِ " نَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا ". وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ " إلَّا أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَا عَدْلٍ " وَهُوَ مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: «فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ» فَالْكَلَامُ فِي شَهَادَةِ دُخُولِ رَمَضَانَ. وَأَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، أَعْنِي قَوْلَهُ: «فَإِنْ شَهِدَ مُسْلِمَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» فَمَعَ كَوْنِ مَفْهُومِ الشَّرْطِ قَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الْعَمَلِ بِهِ هُوَ أَيْضًا مُعَارَضٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَبُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي آخِرِهِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ فَلَا يَنْتَهِضُ مِثْلُ هَذَا الْمَفْهُومِ لَإِثْبَاتِ هَذَا الْحُكْمِ بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الِاثْنَيْنِ فِي شَهَادَةِ الْإِفْطَارِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ قِيَاسًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّوْمِ. وَأَيْضًا التَّعَبُّدُ بِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ إلَّا مَا وَرَدَ الدَّلِيلُ بِتَخْصِيصِهِ بِعَدَمِ التَّعَبُّدِ فِيهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى