. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمْ مَنْ ارْتَدَّ عَنْ الْمِلَّةِ وَدَعَا إلَى نُبُوَّةِ مُسَيْلِمَةَ وَغَيْرِهِ
وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَأَنْكَرَ الشَّرَائِعَ كُلَّهَا، وَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ الصَّحَابَةُ كُفَّارًا وَلِذَلِكَ رَأَى أَبُو بَكْرٍ سَبْيَ ذَرَارِيِّهِمْ، وَسَاعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ وَاسْتَوْلَدَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ جَارِيَةً مِنْ سَبْيِ بَنِي حَنِيفَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ، ثُمَّ لَمْ يَنْقَضِ عَصْرُ الصَّحَابَةِ حَتَّى أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُسْبَى فَأَمَّا مَانِعُو الزَّكَاةِ مِنْهُمْ الْمُقِيمُونَ عَلَى أَصْلِ الدِّينِ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ بَغْيٍ، وَلَمْ يُسَمَّوْا عَلَى الِانْفِرَادِ كُفَّارًا، وَإِنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ قَدْ أُضِيفَتْ إلَيْهِمْ لِمُشَارَكَتِهِمْ الْمُرْتَدِّينَ فِي مَنْعِ بَعْضِ مَا مَنَعُوهُ مِنْ حُقُوقِ الدِّينِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرِّدَّةَ اسْمٌ لُغَوِيٌّ، فَكُلُّ مَنْ انْصَرَفَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهِ فَقَدْ ارْتَدَّ عَنْهُ، وَقَدْ وُجِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الِانْصِرَافُ عَنْ الطَّاعَةِ وَمَنْعُ الْحَقِّ، وَانْقَطَعَ عَنْهُمْ اسْمُ الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ وَعَلَقَ بِهِمْ الِاسْمُ الْقَبِيحُ لِمُشَارَكَتِهِمْ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانَ ارْتِدَادُهُمْ حَقَّا
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَمَا ادَّعَوْهُ مِنْ كَوْنِ الْخِطَابِ خَاصًّا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ خِطَابَ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: خِطَابٌ عَامٌّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ وَنَحْوِهَا وَخِطَابٌ خَاصٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَهُوَ مَا أُبِينَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِسِمَةِ التَّخْصِيصِ وَقَطْعِ التَّشْرِيكِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] ، وَكَقَوْلِهِ: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] ، وَخِطَابُ مُوَاجِهَةٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ وَجَمِيعُ أُمَّتِهِ فِي الْمُرَادِ بِهِ سَوَاءٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: 98] ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] ، وَهَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْأُمَّةُ، وَالْفَائِدَةُ فِي مُوَاجِهَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخِطَابِ أَنَّهُ هُوَ الدَّاعِي إلَى اللَّهِ وَالْمُبَيِّنُ عَنْهُ مَعْنَى مَا أَرَادَ فَقَدَّمَ اسْمَهُ لِيَكُونَ سُلُوكُ الْأُمَّةِ فِي شَرَائِعِ الدِّينِ عَلَى حَسَبِ مَا يَنْهَجُهُ لَهُمْ
وَأَمَّا التَّطْهِيرُ وَالتَّزْكِيَةُ وَالدُّعَاءُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ، فَإِنَّ الْفَاعِلَ لَهَا قَدْ يَنَالُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ فِيهَا، وَكُلُّ ثَوَابٍ مَوْعُودٍ عَلَى عَمَلِ بِرٍّ كَانَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ بَاقٍ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ بِهَذَا أَهْلُ الْأَوْثَانِ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَيُقَاتَلُونَ وَلَا يُرْفَعُ عَنْهُمْ السَّيْفُ قَوْلُهُ: (لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: ضَبَطْنَاهُ بِوَجْهَيْنِ: فَرَّقَ وَفَرَقَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا، وَمَعْنَاهُ مَنْ أَطَاعَ فِي الصَّلَاةِ وَجَحَدَ فِي الزَّكَاةِ أَوْ مَنَعَهَا قَوْلُهُ: (عَنَاقًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا نُونٌ: وَهُوَ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " عِقَالًا " وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ: زَكَاةُ عَامٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ كَذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ الْكِسَائِيّ وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَالْمُبَرِّدِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ