بَابُ الْحَثِّ عَلَيْهَا وَالتَّشْدِيدِ فِي مَنْعِهَا
1530 - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ قَالَ: إنَّك تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ؛ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQكِتَابُ الزَّكَاةِ الزَّكَاةُ فِي اللُّغَةِ: النَّمَاءُ، يُقَالُ زَكَا الزَّرْعُ: إذَا نَمَا؛ وَتَرِدُ أَيْضًا بِمَعْنَى التَّطْهِيرِ وَتَرِدُ شَرْعًا بِالِاعْتِبَارَيْنِ مَعًا، أَمَّا بِالْأَوَّلِ فَلِأَنَّ إخْرَاجَهَا سَبَبٌ لِلنَّمَاءِ فِي الْمَالِ، أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ الْأَجْرَ يَكْثُرُ بِسَبَبِهَا، أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْأَمْوَالِ ذَاتِ النَّمَاءِ كَالتِّجَارَةِ وَالزِّرَاعَةِ وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ «مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ» ؛ لِأَنَّهَا يُضَاعَفُ ثَوَابُهَا كَمَا جَاءَ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرْبِي الصَّدَقَةَ» وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلنَّفْسِ مِنْ رَذِيلَةِ الْبُخْلِ وَطُهْرَةٌ مِنْ الذُّنُوبِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهِيَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ مِنْ الْأَرْكَانِ الَّتِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: تُطْلَقُ
الزَّكَاةُ عَلَى الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ وَالْمَنْدُوبَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعَفْوِ وَالْحَقِّ، وَتَعْرِيفُهَا فِي الشَّرْعِ إعْطَاءُ جُزْءٍ مِنْ النِّصَابِ إلَى فَقِيرٍ وَنَحْوِهِ غَيْرِ مُتَّصِفٍ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ يَمْنَعُ مِنْ الصَّرْفِ إلَيْهِ وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ أَمْرٌ مَقْطُوعٌ بِهِ فِي الشَّرْعِ يَسْتَغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ الِاحْتِجَاجِ لَهُ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي بَعْضِ فُرُوعِهَا فَيُكَفَّرُ جَاحِدُهَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي فُرِضَتْ فِيهِ، فَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: إنَّهَا فُرِضَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَاخْتَلَفَ الْأَوَّلُونَ؛ فَقَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: فِي التَّاسِعَةِ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ فِي حَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَفِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَكَذَا فِي مُخَاطَبَةِ أَبِي سُفْيَانَ مَعَ هِرَقْلَ وَكَانَتْ فِي أَوَّلِ السَّابِعَةِ، وَقَالَ فِيهَا: يَأْمُرُنَا بِالزَّكَاةِ، وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ الْحَافِظُ عَلَى هَذَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْفَتْحِ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِ