الذي نقل حرفيا كامل الكتاب من أوله إلى آخره ووضعه في كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور»، واستغنى به عن «السلوك» للمقريزي، وهو اطّلع على نسخة كاملة من الكتاب حيث نجده ينقل أخبارا ذكرها المؤلّف بعد حوادث سنة 896 هـ. التي كانت آخر ما وصلنا من كتابه. ورغم الكمّ الهائل الذي نقله ونسخه، فإنه لم يصرّح بذلك إلاّ في مواضع قليلة.
ففي حوادث سنة 873 هـ. ذكر أعجوبة الحصاة التي كتب عليها، فقال: «نقل شيخنا الشيخ عبد الباسط بن خليل الحنفي في تاريخه، أنّ شخصا من الجند، يقال له يوسف السيفي يشبك الصوفي، خرج ليسيّر نحو الجبل المقطّم، فرأى حصاة مرميّة على الأرض فأخذها، فإذا عليها مكتوب بخط جيد: قد قرب الوقت اعتبروا واتقوا الله. وهي كتابة بغير نقط ولا شكل. فأحضرها بين يدي الشيخ أمين الدين الأقصرائي حتى رآها وتعجّب من ذلك، ولكن طعن فيها بعض الناس، وقال إنها مصنوعة. والله أعلم بحقيقة ذلك» (?)
وفي سنة 894 هـ. توفي الشيخ بدر الدين بن الغرس، محمد بن محمد بن محمد بن خليل القاهري الحنفيّ، فرثاه المؤلّف، فنقل «ابن إياس» رثاءه فقال: «ولما مات رثاه شيخنا عبد الباسط بن خليل الحنفيّ بقوله:
لقد أظلمت مصر وأقفرت الدنيا ... لموت عديم المثل بل أوحد العصر
سأعجب إن ضاءت ليالي عصرنا ... وكيف يكون الضوء مع عدم البدر (?)
وفي سنة 899 هـ. - وهي من السنوات التي ضاعت مع القسم الأخير من كتابنا - ينقل ابن إياس بيتين من الزجل في وفاء النيل: «وقال شيخنا عبد الباسط بن خليل الحنفي:
النيل وافا ووفّا ... مبشّرا بالمنافع
وخازن القوت عي ... نيه تقلّعت بالأصابع» (?)
وفي سنة 901 هـ. أخبر جماعة من الفلكية بأنّ زحل قد اقترن مع المرّيخ في برج الحوت، وذكروا أنّ هذا القران سيقع به فتن عظيمة عن قريب، فأجاب شيخنا عبد الباسط بن خليل الحنفي عن ذلك بقوله:
ليس القران بفاعل ... كلاّ ولا بمؤثّر
إنّ المؤثّر فعل من ... خلق القران تدبّر