بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الجزء الاول
[القسم الاول]
في كلمتي التي افتتحت بها كتاب «حوادث الزمان ووفيات الشيوخ والأقران» لابن الحمصيّ، قلت إنه كان يعتقد، حتى سنوات قليلة، أنّ المصادر التي تتناول تاريخ مصر والشام في أواخر عصر دولة المماليك، تقتصر فقط على مصدرين عربيّين أساسيّين، أحدهما لمؤرّخ مصر «ابن إياس» وكتابه «بدائع الزهور» والآخر لمؤرخ دمشق والشام «ابن طولون» وكتابه «مفاكهة الخلاّن». ولذلك لا نجد كتابا أو دراسة أو بحثا يتناول تلك المرحلة من تاريخ مصر والشام إلاّ ويتّخذ الكتابين المذكورين مصدرين أساسيّين له في هذا المجال.
ومن هنا كانت أهميّة المؤرّخين الكبيرين.
ولكن، هل تساءل الباحثون والمحقّقون عن مصادر «ابن إياس» و «ابن طولون»؟
في هذا الكتاب إجابة على أحد المصادر الأساسية التي استقى منها «ابن إياس» وصنّف منها كتابه «بدائع الزهور» فهو ينقل حرفيّا كلّ المادّة التي جمعها المؤرّخ زين الدين عبد الباسط بن خليل بن شاهين الظاهريّ في الكتاب الذي بين أيدينا «نيل الأمل في ذيل الدول»، وفيه أكثر من 150 عاما من الحوادث والوفيات، بدءا من سنة 744 هـ. ولم يزد عليه إلاّ ما ندر أثناء تلك المدّة.
إذن، فكتابنا هذا، قمين به، بعد صدوره، أن يكون المصدر الأساس للفترة التي يؤرّخ لها بعد «المقريزي»، و «ابن حجر»، و «بدر الدين العيني»، و «ابن تغري بردي»، و «السخاوي»، وأن يكون حلقة وصل بينهم وبين: «ابن سباط»، و «ابن الحمصي»، و «ابن العماد الحنبليّ»، وغيره.
وهو مصدر أساس لكثير من الأحداث في بلاد المغرب والأندلس التي عاصرها وشاهدها بنفسه، وهو يتميّز عن «ابن إياس» بأنه تنقل بين مصر والشام وآسية الصغرى والمغرب والأندلس، فيما بقي «ابن إياس» مقيما في القاهرة ولم يرحل عنها إلاّ لأداء فريضة الحج.