وفيه ختم «صحيح البخاري» بالقلعة، فاتفق أن سأل السلطان القضاة ومن حضر من مشايخ العلم عن الذنوب التي إذا ارتكبها الإنسان كانت سببا للطاعون، فتكلّم كلّ بما عنده، وذكر بعض منهم أنّ سببه أن يفشوا (?) الزنا، وأخذ يعدّد كونه فاشيا بالقاهرة لكون النساء تتزيّن ويمشين (?) متبرّجات في الطرقات ليلا ونهارا في الأسواق، فأشار بعضهم / 9 / أن الصواب منعهنّ.
ونازعه بعض فقال: لا يمنع إلاّ المتبرّجات لا العجائز، ولا من ليس من يقوم بأمرها. وطال الكلام في ذلك، فمال السلطان إلى منعهنّ من الخروج مطلقا (?) ظنّا منه بأنه يرتفع الوباء بمنعهنّ، وكان قد داخله وهم عظيم في ذلك، وكان ما توهّمه بعد قليل من موته لكن لا بالطاعون.
ثم أمر القضاة بأن يجتمعوا عنده في غد هذا اليوم، فاجتمعوا واتفقوا على ما مال إليه السلطان بأمرهنّ من الخروج من ديارهنّ، وهدّد من خالف منهنّ بالقتل، وأخذ الوالي وبعض الحجّاب في تتبّع الطرقات، وضرب من وجدوا من النساء، فامتنعن بأسرهنّ، ونزل بالأرامل وبربّات الصنائع ومن لا أحد لها يقوم بما يحتاج إليه من البلاء ما لا يعبّر عنه. ووقف حال كثير من الناس الذين يبيعون العطر وثياب النساء والبضائع المتعلّقة بهنّ، فازداد الناس شدّة على ما هم فيه (?).
وفيه عرض السلطان أهل السجون من أهل الجرائم وغيرهم وأطلقهم بأسرهم، وأمر بغلق السجون كلّها، فزاد الضرر وانتشرت السّرّاق والمفسدون بالقاهرة، وامتنع من له دين على آخر أن يطالبه (?).
وفيه قرّر في الحسبة دولات خجا عوضا عن الصلاح بن نصر الله رغبة من السلطان في جبروت دولات خجا وقسوته.