من حمراء غرناطة دار السلطان، ومن جامعها الأعظم ومنارته وعدّة مباني، وخسف سلته من بلاد مرج غرناطة بأناسها وبقرها وغنمها وسائر ما فيها، ووقعت أشياء نادرة، وأقامت الزلزلة تعاود عدّة أيام زيادة على الأربعين، فيقال إن (?) مات من الزلزة زيادة على الستة آلاف إنسان، وكان هذا بعد فتنة اتفقت بغرناطة، وأن عبد الله الأيسر ملك غرناطة الذي تقدّم حتى خلعه، وفراره إلى تونس عاد إليها وحاصرها مدّة، ووقعت أشياء يطول الشرح في ذكرها (?).
وفي رمضان كانت الغزوة العظمى بالأندلس، ونصر الله تعالى فيها الإسلام وأهله. / 638 / وكان من خبرها أنّ ملك برشلونة الكيتلاني كان وقع بينه وبين الفنش صاحب قشتالة فتنة، وجمع كلّ لصاحبه، ثم سار أحدهما على الآخر والتقيا في جموع موفورة جدا، فدخل الأكابر بين الملكين حتى تصالحا، فاستقرّ على الفنش بأن يغزوا (?) المسلمين، لا سيما وقد حصنوا بسبب الزلزلة والفتنة بين السلطان المتّصل والمنفصل، وعود المنفصل لعلّ ما ذهب منه من المال يعوّض عليه من غنيمته للمسلمين، ففعل ذلك وجمع جموعه، وقصد غرناطة لأخذها، ونزل بالقرب منها، وأخذ في قتال المسلمين حتى كاد أن يقبض عليهم أخذا باليد، فتحيّل الشيخ يحيى بن عمر بن يحيى بن عمر بن عثمان بن عبد الحق شيخ الغزاة بأن خرج من غرناطة في ألفين من الجند ونحو العشرين ألفا من العامّة المطّوّعة، وسار على جبل الفجار حتى أبعد عن معسكر الكافر، وكان قرّر مع أهل البلد أن يخرجوا إلى الفرنج، فإذا حملوا عليهم قاتلوا ساعة ثم انهزموا يظهرون أنهم قاصدين غرناطة للتحصّن بها، ففعلوا، فطمع الكفار، وانحطّوا وراءهم يتوهّمون أنهم يدركونهم على باب غرناطة، فدهمهم الشيخ يحيى بمن معه من خلفهم وقصد بعسكرهم وفيه من فيه، فأوقع بهم، وقتل وأسر وأطلق النار فيه، فجاء الفرنج الصريخ بما دهم بعسكرهم، فتركوا أهل غرناطة وعادوا لا يلوون على أحد فركب السلطان بجيوشه أقفيتهم يقتلون ويأسرون. فيقال إن عدّة القتلى بلغت زيادة على ثلاثين ألفا، والأسرى زيادة على الإثني عشر ألفا، ويقول المكثر إن من قتل ومات وأسر كانوا زيادة على الستين ألف إنسان، فإنّ عسكر الكافر كان زيادة على الماية وثمانين ألفا، وحصل بذلك النصرة العامّة، وصارت هذه الغزوة من مشاهير الغزوات بغرناطة تذكر إلى الآن (?).