من صدور قضاة الأندلس، متضلعًا بالمسائل كثير المطالعة والدؤوب عليها، حسن القراءة فائق الأنبهة (?)، عظيم الوقار، ولي قضاء الربذة (?) ومالقة، ثم قضاء الجماعة بغرناطة عام أربعة وسبعمائة، ثم صُرِف عام ثلاثة عشر عند تَغَلّب السلطان أبي الوليد لكلامٍ نُهي عنه أيام الفتنة نصح به السلطان قبله فناله خمول والتزم داره لمطالعة العلمَ أزيد من عشر سنين، ثم راجع أبو الوليد فيه رأيه فقدمه قاضيًا بالمرية، ثم صرف عنه آخر صفر عام تسعة وعشرين، فعاد لانقباضه وتعففه حتى قبض عن نيّفٍ وثمانين عامًا في ذي القعدة عام تسعة وعشرين وسبعمائة. كتبت من خطه: إذا اجتمعت ثلاثة أمور في هدية القاضي فلا كراهة فيها أن يكون من أهل ولايته وأن تكون من عادته قبل القضاء وعدم الخصومة- اهـ.
وهو على حالته واشتهاره من المقلّين في النظم، ومن شعره بعد عزله عن قضاء الجماعة:
أنَا من الحُكْمِ تَائِبْ ... وعن دَوَاعِيهِ رَاكِبْ (*)
بعدَ التَّفَقُّهِ عُمْري ... ونيلِ أَسْمَى المرَاتِبْ
وبعدَ أَنْ كنتُ أرقى ... على المنابرِ خَاطبْ
أصبَحتُ أُرْمَى بعارٍ ... لِلْحَالِ غير مناسبْ
ما إنْ يليقُ بمثلي ... لأنني غيرُ راقبْ
أشْكُو إلى اللَّه حَالي ... فهو المثيب المعاقبْ
قد آن لي بيعُ كتبي ... أَو اجْعَلَنْهَا السوائبْ
كان أبوه محترفًا بالبناء وطلب هو العلم، فوصل فيه الغاية القصوى،