توفي -قدس اللَّه روحه- ثالث عشر شوال سنة تسع وأربعين، وحضر جنازته السلطان فمن بعده، وولد يوم السبت ثالث جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وستمائة- اهـ.
كان فقيهًا عارفًا بمذهبه، اعترف له أهل عصره بالتقدم في ذلك ووصفوه بأنه أحفظ أهل زمانه لمذهب مالك مع الدين المتين والأمانة والصيانة، حج مرات وقدم إلى دمشق ثم إلى مصر، فتولى القضاء عوضًا عن التاج الأخنائي فباشر مباشرة حسنة نيفًا وسبعين يومًا مع ضعفه في أكثرها، ثم مات في جمادى الأولى سنة ست وخمسين وسبعمائة، فلما مات أعيد تاج الدين، قال ابن حبيب: كان رأسًا في مذهب مالك، وقال العراقي: كان شيخ المالكية وفقيههم بديار مصر والشام.
قال الشهاب بن الهائم الفرضي في شرح ألفيته في الفرائض: شيخنا الإمام أبو الحسن الجلاوي، بكسر الجيم، نسبة لجلاوة قبيلة: كان إمامًا للعلوم جامعًا وفي فنونها بارعًا، مقدمًا فيها على أقرانه منفردًا بالفرائض في زمانه، لا يشق له غبار في صناعة الغبار ولا يجري معه غيره في مضمار، وكأنه الإمام في علم الكلام، كان شيخًا مباركًا ولطريق السلف سالكًا ولأرباب الدنيا تاركًا، وللفقراء في خشن العيش مشاركًا، يرغب في الخمول ولا يحب الفضول، لا يكاد يعرفه من لا يسائله، ولا يعلم رتبته من لا يبادله، بلغ في السخاء وحسن الخلق رتبة معروفة وأوقاته كلها في الخير مصروفة، إما في نظر وفكر وإما في تلاوة وذكر وإما في استفادة أو إفادة أو في طاعة وعبادة، طباعه على الخير مجبولة وفكرته بالعلوم مشغولة، دربًا في التعليم والتحصيل، متمكنًا