والجبر مذهبه الذي قرت به ... عين العصاة وشيعة الشيطان
كانوا على وجل من العصيان ذا ... هو فعلهم والذنب للإنسان
واللوم لا يعدوه إذ هو فاعل ... بإرادة وبقدرة الحيوان
فأراحهم جهم وشيعته من الـ ... لوم العنيف وما قضوا بأمان
لكنهم حملوا ذنوبهم على ... رب العباد بعزة وأمان
وتبرؤوا منها وقالوا إنها ... أفعاله ما حيلة الإنسان
ما كلف الجبار نفسا وسعها ... أنى وقد جبرت على العصيان
وكذا على الطاعات أيضا قد غدت ... مجبورة فلها إذا جبران
والعبد في التحقيق شبه نعامة ... قد كلفت بالحمل والطيران
إذ كان صورتها تدل عليهما ... هذا وليس لها بذاك يدان
فلذاك قال بأن طاعات الورى ... وكذاك ما فعلوه من عصيان
هي عين فعل الرب لا أفعالهم ... فيصح عنهم عند ذا نفيان
نفي لقدرتهم عليها أولا ... وصدورها منهم بنفي ثان
فيقال ما صاموا ولا صلوا ولا ... زكوا ولا ذبحوا من القربان
وكذاك ما شربوا وما قتلوا وما ... سرقوا ولا فيهم غوي زان
وكذاك لم يأتوا اختيار منهم ... بالكفر والإسلام والإيمان
إلا على وجه المجاز لأنها ... قامت بهم كالطعم والألوان
جبروا على ما شاءه خلاقهم ... ما ثم ذو عون وغير معان