فيه من يذكر الله أو يصلي، ودرس في مدارس ليس فيها دروس للدين ولا مدرّس متدين، ونشأ نشأة «علمانية» مادية، أي مثل نشأة الحيوانات التي لا تعرف إلا الأكل والشرب والسّفاد، ولكنه لمّا هبط أول مرة ورأى نفسه ساقطاً في الفضاء قبل أن تنفتح المظلة جعل يقول: «يا الله، يا رب» ويدعو من قلبه. وهو يتعجب: من أين جاءه هذا الإيمان؟
وبنت ستالين نشرت من أيامٍ مذكراتها، فذكرت فيها كيف عادت إلى الدين وقد نشأت في غمرة الإلحاد، وتعجب هي نفسها من هذا المَعاد.
وما في ذلك عجب؛ فالإيمان بوجود الله كامن في كل نفس. إنه فطرة (غريزة) من الفِطَر البشرية، والإنسان «حيوان ذو دين». ولكن هذه الفطرة قد تغطّيها الشهوات والرغبات والمطامع والمطالب الحيوية المادية، فإذا هزتها المخاوف والأخطار والشدائد ألقت عنها غطاءها فظهرت. ولذلك سُمّي غير المؤمن «كافراً»، ومعنى الكافر في لسان العرب «الساتر».
ولقد وجدت تأييد هذه الفكرة في كلمتين متباعدتين في الزمان والمكان والظرف والقصد، ولكنهما متقاربتان في المعنى. كلمة لعابدة مسلمة تقية معروفة هي رابعة العدوية، وكلمة لكاتب فرنسي ملحد معروف هو أناتول فرانس.
أناتول فرانس يقول في معرض كفره وإلحاده إن المرء يؤمن إذا ظهر بنتيجة فحص البول أنه مصاب بالداء السكري (يوم لم يكن قد عُرف الأنسولين). ورابعة قيل لها: إن فلاناً أقام ألف دليل على