لذلك جعل الرسولُ صلى الله عليه وسلم الصلاةَ متعة لا تعدلها متع الدنيا. هذا إذا أدرك المسلم وهو يصلي معنى الصلاة، فقام لله رب العالمين مخلصاً محتسباً، يفكر في معاني ما يقول وما يتلو، يَرِد عليه من الخواطر السامية ومن الإلهامات ما لا يمكن حصره بالألفاظ ونقله بالكلام.
لذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «جُعِلَت قُرّة عيني في الصلاة»، ولذلك كان يقول: «أرحنا بها يا بلال» (?)؛ أرحنا «بها» لا أرحنا «منها»! ولذلك قال بعض الصالحين: لو عرف الملوك ما نحن فيه لقاتلونا عليه بالسيوف.
فالذي يقوم هذا المقام خمس مرات كل يوم لا يمكن أن يصرّ على الفحشاء والمنكر، لأنه إذا زلّ ونسي لحظة ذكّرته الصلاة. ولذلك شبّه النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمسَ بنهر على باب الإنسان يغتسل فيه خمسَ مرات كل يوم (?). من يغتسل خمس مرات كل يوم هل يكون وسخ الجلد؟ فكيف تكون وساخة النفس مع الصلوات الخمس؟
* * *
والمسلم حين يقوم في الصلاة ويقول: «الله أكبر» تَصْغُرُ في قلبه الدنيا كلها. وما الدنيا كلها؟ إن كرة الأرض إذا قيست