وشبابك قبل هَرَمك، وحياتك قبل موتك» (?).
لا تضيّعْ أيام الصحة بالكسل ثم تأسى في المرض على العجز عن العمل. ولا تضيّع أوقات الفراغ باللهو والعبث ثم تبكي عليها إذا ازدحمت عليك الأشغال وضاقت الأوقات. ولا تبذّر أيام غناك، تنفق المال في غير مواضعه، ثم تُمضي الليالي متحسراً عليه أيام الحاجة. ولا تضيع شبابك وقواك في الفسوق والعصيان، فإذا انحنى ظهرك ورقّ عظمك وركبتك الأمراض قلت: يا ليت الشباب يعود!
وهل رأيت شباباً عاد؟ كلا، إنه لا يعود الشباب إذا ولّى ولكن يبقى إذا لم تقتله بالمعاصي. وإنك لترى الرجل تحسبه في الستين وما جاوز الأربعين، وآخر تظنه ابن أربعين وهو في الستين. وما ذاك إلا لأن العفافَ والتقوى يحفظان على الرجل شبابه والفسوقَ والعصيان يهدمانه قبل أوان الهدم. وهذه مكافأة عاجلة في الدنيا، فكيف بالمكافأة الكبرى في الآخرة؟ فلا يغترّ الشاب الذي يركب هواه باللذة العاجلة، ولا يأسف الشاب التقي الذي فاتته هذه اللذات، فإنه لا خير في لذة ساعة وراءها عذاب الدنيا بالمرض والهرم وعذاب الآخرة في جهنم، وعذاب جهنم أشد وأنكى.
* * *