معركة جسر تورا بين الفرنسيين والثوّار، فما هو جسر تورا هذا؟ إن من يقرأ صحف تلك الأيام يظن أنه مثل جسر سان فرانسيسكو. إنه جسر من خشب وخلفه استحكامات من الطين، على مسافة عرضها أربعة أمتار! وقفت أمامه جيوش فرنسا (التي خرجت من الحرب العالمية الأولى أقوى دولة برية في العالم) ثمانية عشر شهراً، لأنه كان جسراً يحميه الثوار بقيادة حسن الخراط الذي لم يتخرج من مدرسة عسكرية ولا غير عسكرية؛ لقد كان خفيراً ليلياً، رجلاً أمّياً ثارت في نفسه النخوة العربية والكرامة الإسلامية، واستطاع أن يحتل دمشق ويستخلصها من أيدي الفرنسيين ثلاثة أيام!
واذكروا ما صنع العراقيون في الرُّمَيثة بعد الحرب العالمية الأولى في معارك الاستقلال، وما صنع الجزائريون بالأمس القريب. هذه البطولات ما تزال فيكم؛ إن هذا الشعب أطيب شعوب الدنيا وأشجع شعوب الدنيا، لقد دُعي للتضحية أكثر من عشرة آلاف مرة ولبى، ولو دُعي عشرة آلاف مرة أخرى فإنه يلبي.
* * *
وشيء أخير أقوله لكم، نصيحة من أخ لكم: أنتم نذرتم أنفسكم للجهاد، وقد تتعرضون لمخاطر لا بدّ للجندي منها، فإذا انسدّت يوماً في وجوهكم السُّبُل، إذا رأيتم أنفسكم في ضَنْك، إذا لم تجدوا ملجأ أو مخرجاً على الأرض، فاذكروا أن هناك باباً لا يُسَدّ أبداً، هو باب الله، هو باب السماء. فمُدّوا أيديكم وقولوا «يا الله» قبل أن تمضوا.