نور وهدايه (صفحة 223)

رَبَّنا وَسِعْتَ كُلّ شَيءٍ رَحْمَةً وَعِلْمَاً فَاغْفِرْ للذينَ تَابوا وَاتَّبَعُوا سَبيلَكَ}. وقال: {إلاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحَاً، فَأولئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ}.

والتوبة هي أول محطة في طريق الوصول إلى الله وإلى سعادة الآخرة. وليست التوبة كلمة باللسان مع البقاء على الذنوب، فإن التائب من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربّه والعياذ بالله. ولكن التوبة النَّصوح هي التي يكون معها الإقلاع عن الذنب، والندم على ما مضى، والعزم على ألاّ يعود.

فمن ترك الذنب نادماً على ما فات ناوياً ألاّ يرجع إليه، فهذا الذي يقبل الله توبته، وهذا الذي ورد فيه أن التائب من الذنب كمَن لا ذَنْبَ له. فإن تاب بهذه الشروط، ثم غلبته نفسه فعاد إلى الذنب ثم تاب قُبلت توبته، ولو تكررت عودته.

هذا في حقوق الله، أما حقوق العباد فلا بد فيها من شرط آخر، وهو أداء الحق أو مسامحة صاحبه؛ فمَن أكل أموال الناس أو أساء إليهم بقول أو فعل، أو أعان عدوّهم عليهم فأخفى أقواتهم واحتكر أرزاقهم وتمنى أن تقوم الحرب فتهلك الحرث والنسل وتدمر البلاد والعباد ليملأ صندوقه بالذهب، والمرأة التي تخدع زوجها وتكذب عليه، والرجل الذي يخون زوجته ويسيء إليها، والغشّاش والمخادع والمرابي ... كل هؤلاء وأمثالهم لا تُقبَل توبتهم حتى يؤدّوا ما عليهم من حق أو يسامحَهم صاحبُ الحق.

فتوبوا إلى الله جميعاً يا أيها المؤمنون.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015