ولكنا لم نيأس، لأنك علمتنا يا سيدي يا رسول الله أنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون، وعلمتنا أنها لا تزال طائفة من أمتك على الحق، لا يضرّها من خالفها حتى تقوم الساعة. ولقد حقق الله لك المعجزة فظهرت فينا هذه الطائفة.
إن فينا -رغم الفتن والفساد- شباباً نشؤوا في طاعة الله وباعوا الله نفوسهم، أعرضوا عن وسواس الشيطان وأوامر النفس وزخارف الدنيا، ومغريات الجمال والمال والجاه والمنصب، حبسوا أنفسهم في المساجد يتلون الكتاب ويتدارسون الفقه، على حين قد انطلق غيرهم يؤمّون المقاهي والملاهي، يملؤون عيونهم من الجمال المحرَّم ويُشبعون أعصابهم من اللذة الممنوعة.
وإن فينا بنات هن أمثال أولئك الشباب الطائعين، وإن فينا شيوخَ صلاح وهدى، لهم من سنهم حكمة الشيوخ ولهم من حماستهم وغضبهم للحرمات المستباحة مثل عزم الشباب.
وهذه المساجد يا رسول الله ممتلئة بالمصلين، وهذه المطابع تُخرج كل يوم عشرات من كتب الدين. واليقظة قد عمّت، لقد أذّن فينا مؤذن النهضة بعد ليل الخمول الطويل، فأفقنا وأزمعنا ألاّ نعود إلى المنام.
لقد بطلت فتنتنا بالغرب وبطل سحر الغرب فينا، وصرنا نميز خيره من شره ونفرق حقه من باطله، ولا نأخذ منه إلا العلم المادي الذي كان له السبق به علينا، أما الدين، أما الأخلاق، فحسبنا أخلاقنا وديننا.
ونحن إن شاء الله إلى خير. وإنّا في طريق العودة إلى هديك،