نور وهدايه (صفحة 191)

بالجدران. وطال الحصار حتى قلَّتْ المُؤَن وشَحّت المياه وبدت بوادر المجاعة والمرض، فتداولوا الرأي وتبادلوا المشورة، ثم قرروا التسليم.

قال أحمد بن يوسف في كتاب «المكافأة»:

وحدّثني رجل مسنّ من أهل القرية (وكان شاهد عيان لما كان) قال: وكان في القرية شيخ صالح متّصل القلب بالله، وكان معتزلاً في مسجده يرقب الحوادث، فلما رآهم قد عزموا على التسليم قال لهم: هل بَقِيت لكم قوة تلجؤون إليها أو حيلة تحتالون بها؟ قالوا: لا.

قال: فاستمعوا مني إذن أدلّكم على طريق النجاة؛ اخرجوا جميعاً إلى ساحة القرية، ولا يَبْقَ في بيته أحدٌ، لا طفل ولا امرأة ولا عجوز ولا مريض، وأخرجوا ما عندكم من المواشي والأنعام. ثم افصلوا الأولاد عن الأمهات والإخوة عن الأخوات، وقفوا كلَّ ناس على حدة، وافصلوا كذلك الأنعام والمواشي.

ففعلوا، وعلا بكاء الأطفال وثُغاء الماشية. قال: أحضروا الآن قلوبكم وأخلوها من أمور الدنيا كلها، وتوبوا إلى الله توبة صادقة نصوحاً.

ففعلوا. قال: عُجّوا الآن إلى الله عَجَّةً واحدة، وقولوا من أعماق قلوبكم: يا الله!

ففعلوا. قال: افتحوا الأبواب وكبّروا واخرجوا إليهم.

فنادوا: «الله أكبر» بصوت ارتجّت له الأرض، وخرجوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015