وعلى عهد أمية حين جعل الوليدُ لكل أعمى مرافقاً يقوده وراتب هذا المرافق من خزانة الدولة، ولكل مريض مزمن ممرّضاً يصحبه وراتب هذا الممرض من خزانة الدولة، وحين جاء -من بعد- عمر بن عبد العزيز فأعاد حكومة المَثَل الأعلى التي تحققت على عهد أبي بكر وعمر.
بل لقد تحققت هذه العدالة في عهد التأخر والانحطاط على أيدي أمراء تلك الدول الصغيرة، على يد واحد منهم هو الملك المظفَّر صاحب إربل في العراق، حين جعل الخبز مجانياً كالماء يصل إليه أي إنسان. ولقد أقرت الدولة الإسلامية من تلك القرون البعيدة مجانية الطب ومجانية التعليم، فأباحتهما للجميع.
أتطلبون العدالة بغير الإسلام وعندكم مبدأ نفقات الأقارب وعندكم الزكاة، وعندكم مبدأ إسهام بيت المال في نفقة كل فقيرة ليس لها معين ولكل فقير عاجز عن الكسب؟
لا تستقلّوا الزكاة، فلقد خبّرني الثقة أن الأموال التي تجب فيها الزكاة في عمّان وحدها (ولا تنسوا أن الخطبة أُلقيت سنة 1971)، أموال الشركات والتجّار والموسرين والمدّخرين العاديين، تزيد عن أربعمئة مليون، زكاتها عشرة ملايين دينار.
فتصوروا حال البلد لو وُزِّع فيه على وجوه البِرّ والخير التي هي مصارف الزكاة عشرة ملايين دينار في كل سنة، تعطى للفقير يتّخذ منها رأسَ مال يبدأ به عملاً شريفاً يقوم به على قدميه لا يحتاج إلى أحد، ويكون منها سداد دين المدين، وثمن أدوات عمل للصانع، ونفقات دراسة للطالب النابغة الفقير، وللمرأة يعصمها من ويلات