في الأرض التي ابتُليت بحكم الشيوعيين.
وقرأت مرة للقاضي التَّنوخي ... وإذا كان المؤرخون قد عُنوا بتاريخ القصور وأهلها والمعارك وأبطالها وأهملوا عادات الشعوب وأوضاعهم، فإن القاضي التنوخي طرق في كتابيه العظيمين: «الفرج بعد الشدة» و «نشوار المحاضرة» باباً لم يطرقه إلاّ قليل جداً من المؤرخين، فارجعوا إليهما فاقرؤوهما. وكتابُ «الفرج بعد الشّدة» من أوائل الكتب التي قرأتها في صغري، وأحسب أني أعدت قراءته ثلاثين مرة، وكانت طبعته سقيمة مملوءة بالتطبيعات وبالأغلاط فكنت أصحّح الكثير منها من حفظي أكتبه على هامش الكتاب، حتى قيّض الله لهذين الكتابين أستاذاً عراقياً فاضلاً هو عبود الشالجي، فطبعهما طبعة مصحَّحة مقابَلة على نسخ خطية صحيحة وعلّق عليهما تعليقات نافعة، أهدى إليّ الأولَ ولدي الأستاذ الفاضل زهير الشاويش، ولم أطّلع على الثاني إلى الآن.
قرأت فيه: أن تاجراً في بغداد ضاقت به الحال وقلّ في يده المال وسُدّت في وجهه أبواب الأعمال، فكان إذا أوى إلى فراشه رأى في منامه كأن هاتفاً (?) يهتف به: "إن رزقك في مدينة القَطائع في مصر" ... ويُعيّن له البيت الذي فيه الرزق والحارة التي فيها البيت.
وكان ذلك أيام النزاع بين الموفَّق أخي الخليفة العباسي وأحمد بن طولون الذي استقلّ بمُلك مصر وخرج على الدولة العباسية وبنى مدينة القطائع، وهي بين الفسطاط (مصر القديمة)