الهواء فهو يركب الطيارة ليأتي به. ومَن رِزْقُه وسط الصَّخر الصَّلد فهو يكسره ليستخرجه، ومن رزقه في باطن الأرض فهو يهبط إلى المنجم ليصل إليه.
تعددت الأسباب وكَثُرَت الطرق، وكلٌّ إذا نظر إلى مَن هو أشقّ عملاً منه رأى نفسه في خير.
إننا جميعاً في سباق، فما منا إلا مَن يجد أمامه من سبقه ووراءه من تخلّف عنه. كلّ امرئ منّا سابق ومسبوق، فإن كان من رفاق مدرستك وأصدقاء صباك من كان مثلَك فصار فوقَك، فلا تأسَ على نفسك ولا تبكِ حظك، فإن منهم من صرتَ أنت فوقه. فلماذا تنظر إلى الأول ولا تنظر إلى الثاني؟
إن الله هو الذي قسم الأرزاق وكتب لكل نفس رِزقَها وأجلها، ولكنه ما قال لنا اقعدوا حتى يأتي الرزق إليكم، بل قال لنا امشوا في مناكبها وكلوا من رزقه؛ أي اعملوا، فإن السماء -كما قال عمر العبقري- لا تمطر ذهباً ولا فضّة، ولكن الله يرزق الناسَ بعضَهم من بعض.
لقد أقسم ربنا في كتابه بكثير من مخلوقاته؛ أقسم بالشمس وضحاها، وأقسم بالليل، وبالفجر، فلمّا ذكر الرزق أقسم بذاته جلّ جلاله فقال: {وَفي السّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون. فَوَرَبِّ السّمَاءِ والأرْضِ إنّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أنَّكُمْ تَنْطِقُون}.
كلام الله حقٌّ وصدق، ولكنه أقسم عليه تأكيداً له، ثم أكده بمثال ظاهر لا يستطيع أحدٌ أن ينازع أو أن يشكّ فيه. هل تشكّ إذا نطقت أنك أنت الناطق؟ فجاء منا -بعد قول الله، وبعد تأكيده