فقال له أبو الهيثم ابن التيهان (?) : يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال عهودا وإنا قاطعوها فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسّم عليه الصلاة والسلام، وقال: بل الدّم الدّم والهدم الهدم، أي: ان طالبتم بدم طالبت به وأن أهدرتموه أهدرته.
وحينذاك ابتدأت المبايعة وهي العقبة الثانية، فبايعه الرجال على ما طلب، وأول من بايع أسعد بن زرارة وقيل البراء بن معرور، ثم تخير منهم اثني عشر نقيبا لكل عشيرة منهم واحد تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس وهم أبو الهيثم بن التّيّهان، وأسعد بن زرارة، وأسيد بن حضير، والبراء بن معرور، ورافع بن مالك وسعد بن أبي خيثمة (?) ، وسعد بن الربيع، وسعد بن عبادة (?) ، وعبد الله بن رواحة (?) ، وعبد الله بن عمرو وعبادة بن الصامت (?) ، والمنذر بن عمرو، ثم قال لهم: أنتم كفلاء على قومكم، ككفالة الحواريّين لعيسى ابن مريم، وأنا كفيل على قومي، ولأمر ما أراده الله بلغ خبر هذه البيعة مشركي قريش، فجاؤا ودخلوا شعب الأنصار وقالوا: يا معشر الخزرج بلغنا أنكم جئتم لصاحبنا تخرجونه من أرضنا، وتبايعونه على حربنا (?) ؟ فأنكروا ذلك، وصار بعض المشركين الذين لم يحضروا المبايعة يحلفون لهم أنهم لم يحصل منهم شيء في ليلتهم وعبد الله بن أبيّ كبير الخزرج يقول: ما كان قومي ليفتاتوا (?) عليّ بشيء من ذلك.
ولما رجع الأنصار إلى المدينة ظهر بينهم الإسلام أكثر من المرة الأولى. أما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه فازداد عليهم أذى المشركين لما سمعوا أنه حالف قوما