وذكوان بن قيس، وعبادة بن الصامت، ويزيد بن ثعلبة، والعباس بن عبادة، وعقبة ابن عامر، وقطبة بن عامر، وهؤلاء من الخزرج وأبو الهيثم بن التّيهان، وعويم بن ساعدة وهما من الأوس، فاجتمعوا به عند العقبة، وأسلموا وبايعوا رسول الله على بيعة النساء، وذلك قبل أن تفترض الحرب على ألّا يشركوا بالله شيئا، ولا يسرقوا ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصونه في معروف، فإن وفّوا فلهم الجنة، وإن غشوا من ذلك شيئا فأمرهم إلى الله عزّ وجلّ إن شاء غفر وإن شاء عذب (?) ، وهذه هي العقبة الأولى. فأرسل لهم عليه الصلاة والسلام مصعب بن عمير العبدري (?) وعبد الله ابن أم مكتوم- وهو ابن خالة خديجة- يقرانهم القران، ويفقهانهم في الدين، ونزل مصعب على أحد المبايعين أبي أمامة أسعد بن زرارة وصار يدعو بقية الأوس والخزرج للإسلام.
وبينما هو في بستان مع أسعد بن زرارة إذ قال سعد بن معاذ (?) رئيس قبيلة الأوس، لأسيد بن حضير (?) ابن عم سعد: ألا تقوم إلى هذين الرجلين اللذين أتيا يسفّهان ضعفاءنا لتزجرهما، فقام لهما أسيد بحربته، فلمّا راه أسعد قال لمصعب:
هذا سيّد قومه وقد جاءك فاصدق الله فيه، فلما وقف عليهما قال: ما جاء بكما تسفّهان- ضعفاءنا؟ اعتزلا إن كان لكما بأنفسكما حاجة، فقال مصعب: أو تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمرا قبلته، وان كرهته كففنا عنك ما تكره، فقرأ عليه مصعب القران فاستحسن دين الإسلام، وهداه الله له فتشهد ورجع إلى سعد، فسأله عمّا فعل فقال: والله ما رأيت بالرجلين بأسا، فغضب سعد وقام لهما متغيظا، ففعل معه مصعب كسابقه فهداه الله للإسلام، ورجع لرجال بني عبد الأشهل (وهم بطن من الأوس) فقال لهم: ما تعدّونني فيكم؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا. قال: