وقد وفد على الرسول بعد الخروج من الشّعب وفد من نصارى نجران (?) بلغهم خبره من مهاجري الحبشة، فسارعوا بالقدوم عليه حتى يروا صفاته مع ما ذكر منها في كتبهم، وكانوا عشرين رجلا أو قريبا من ذلك، فقرأ عليهم القران فامنوا كلّهم، فقال لهم أبو جهل (?) : ما رأينا ركبا أحمق منكم أرسلكم قومكم تعلمون خبر هذا الرجل فصبأتم! فقالوا: سلام عليكم لا نجاهلكم، لكم ما أنتم عليه ولنا ما أخترناه، فأنزل الله في ذلك في سورة القصص (?) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (?) . وقد كان أهل مكة حينما عجزوا عن أمر رسول الله ولم يتمكّنوا من مقارعة الحجة بالحجة رموه بالسحر مرّة وبالكذب أخرى، وبالجنون طورا وبالكهانة تارة، كل ذلك شأن العاجز المعاند الذي لا يستحي لمزيد عناده أن يقول: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (?) .