ومن وجوه إعجاز القران كونه اية باقية لا تعدم ما بقيت الدنيا مع تكفّل الله بحفظه فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (?) وقال: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ (?) وسائر معجزات الأنبياء انقضت بانقضاء أوقاتها، فلم يبق إلّا خبرها (?) ، والقران إلى وقتنا هذا حجّته قاهرة، ومعارضته ممتنعة، والأعصار كلها طافحة بأهل البيان، وحملة علم اللسان، وأئمة البلاغة، وفرسان الكلام، وجهابذة البراعة، والملحد فيهم كثير، والمعادي للشرع عتيد (?) ، فما منهم من أتى بشيء يؤثر في معارضته، ولا ألّف كلمتين في مناقضته، ولا قدر فيه على مطعن صحيح، ولا قدح المتكلّف من ذهنه في ذلك إلّا بزند شحيح (?) ، بل المأثور عن كل من رام ذلك إلقاؤه في العجز بيديه، والنكوص على عقبيه (?) .

ولنختم لك هذا الباب بحديثه عليه الصلاة والسلام في القران قال: إنّ الله أنزل هذا القران امرا وزاجرا، وسنّة خالية، ومثلا مضروبا، فيه نبؤكم، وخبر ما كان قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم، لا يخلقه طول الردّ، ولا تنقضي عجائبه، هو الحقّ ليس بالهزل، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فلج، ومن حكم به أقسط، ومن عمل به أجر، ومن تمسّك به هدي إلى صراط مستقيم، ومن طلب الهدى من غيره أضلّه الله، ومن حكم بغيره قصمه الله، هو الذّكر الحكيم، والنّور المبين، والصراط المستقيم، وحبل الله المتين، والشّفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتّبعه، لا يعوجّ فيقوّم، ولا يزيغ فيستعتب (?) . ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرّد.

ومن معجزاته صلّى الله عليه وسلّم: انشقاق القمر

(?) وقد قدّمنا حديثه مستوفى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015