وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا (?) ولتمام تصديق ورقة برسالة الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام قال: وأن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا (?) (معضدا) ثم لم يلبث ورقة أن توفي.
وفتر الوحي مدّة لم يتّفق عليها المؤرخون، وأرجح أقوالهم فيها أربعون يوما، ليشتدّ شوق الرسول صلّى الله عليه وسلّم للوحي، وقد كان، فإن الحال اشتدّ به عليه الصلاة والسلام حتى صار كلّما أتى ذروة جبل بدا له أن يرمي نفسه منها حذرا من قطيعة الله له بعد أن أراه نعمته الكبرى، وهي اختياره لأن يكون واسطة بينه وبين خلقه، فيتبدّى له الملك قائلا: أنت رسول الله حقا، فيطمئن خاطره ويرجع عما عزم عليه، حتى أراد الله أن يظهر للوجود نور الدين فعاد إليه الوحي.
فبينما هو يمشي إذ سمع صوتا من السماء فرفع إليه بصره، فإذا الملك الذي جاءه بحراء جالس بين السماء والأرض، فرعب منه لتذكر ما فعله في المرة الأولى فرجع وقال: دثروني دثروني، فأنزل الله تعالى عليه يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ حذر الناس من عذاب الله إن لم يرجعوا عن غيّهم وما كان يعبد اباؤهم وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ خصه بالتعظيم ولا تشرك معه في ذلك غيره وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ لتكون مستعدا للوقوف بين يدي الله إذ لا يليق بالمؤمن أن يكون مستقذرا نجسا وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ أي اهجر أسباب الرّجز وهو العذاب بأن تطيع الله وتنفذ أمره وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ولا تهب أحدا هبة وأنت تطمع أن تستعيض من الموهوب أكثر مما وهبت، فهذا ليس من شأن الكرام وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (?) على ما سيلحقك من أذى قومك حينما